الجمعة 26 جمادى الآخرة 1446 - 27 ديسمبر 2024
العربية

صرف أموال وقف المسجد لدفع نفقات المرافعات القضائية

220755

تاريخ النشر : 07-10-2014

المشاهدات : 3979

السؤال


هل يجوز صرف أموال وقف المسجد لدفع نفقات المرافعات القضائية في نزاعات بين الأمناء أنفسهم ؟ أي فريق من الأمناء يرفع القضية ضد الفريق الآخر ، بخصوص إدارة المسجد ، علمًا بأنّ مثل هذه المرافعات تكلّف مبالغ كثيرة في بريطانيا .

الجواب

الحمد لله.


أموال وقف المسجد هي أموال حُبِست على مصالح المسجد ، وعمارته ، وصيانته ، وما يتعلق بذلك من إقامة الدعوة إلى الله فيه ، وعمارته بالعلم النافع ، والعمل الصالح ؛ فما كان من ذلك : شرع صرف أموال الوقف فيه ، وما لم يكن منه ، لم يشرع صرف أموال الوقف فيه ، بل هي أمانة في يد المتصرف فيها ، لا يحل له أن يضعها في غير موضعها ، أو غير المصرف الذي حدده الواقف ، إن كان حدد لوقفه مصرفا معينا .
فإن وضعها في غير مصرفها المحدد شرعا ، أو المحدد من قبل الواقف ، وجب عليه أن يضمنها من ماله .

قال القرافي رحمه الله :
" اعلم أن كل من ولي ولاية الخلافة فما دونها إلى الوصية لا يحل له أن يتصرف إلا بجلب مصلحة أو درء مفسدة ؛ لقوله تعالى : ( وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) ، ولقوله عليه السلام : ( من ولي من أمور أمتي شيئا ، ثم لم يجتهد لهم ولم ينصح ، فالجنة عليه حرام ) " انتهى من " الفروق " (4/39) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى مَعْنَى هَذَا ؛ فَإِنَّ وَصِيَّ الْيَتِيمِ وَنَاظِرَ الْوَقْفِ وَوَكِيلَ الرَّجُلِ فِي مَالِهِ ؛ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَرَّفَ لَهُ بِالْأَصْلَحِ فَالْأَصْلَحِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ( وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) ، وَلَمْ يَقُلْ إلَّا بِاَلَّتِي هِيَ حَسَنَةٌ " انتهى من " مجموع الفتاوى " (28/250) .

وقال – أيضا – رحمه الله :
" إِذا تعدى النَّاظر فِي الْوَقْف ، مثل أَن يصرف المَال إِلَى من لَا يسْتَحقّهُ ، سَوَاء إِلَى نَفسه أَو غَيره . أَو فرط فِيهِ ، مثل أَن يدع اسْتِخْرَاج مَا يجب استخراجه من مَال الْوَقْف : فَإِن الْوَاجِب ، إِذا لم يستقم ، أَن يسْتَبْدل بِهِ نَاظر غَيره يقوم بِالْوَاجِبِ ، أَو يضم إِلَيْهِ أَمِين . ولمستحق الْوَقْف مُطَالبَة النَّاظر بالمحاسبة على الْمُسْتَخْرج والمصروف الْمُتَعَيّن للأماكن الْمَوْقُوفَة ، وَتعيين المستأجرين لَهَا لينظروا مَالهم ، ويستدلوا بذلك على صَدَقَة فِيمَا يُخْبِرهُمْ أَو كذبة ، وعَلى عدله وجوره . فقد ثَبت فِي الصَّحِيح أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْتعْمل رجلا يُقَال لَهُ ابْن اللتبية ، فَلَمَّا رَجَعَ حَاسبه ، مَعَ أَنه كَانَ لَهُ ولَايَة فِي صرفهَا ، والمستحق غير معيَّن .. " انتهى من " مختصر الفتاوى المصرية " (1/401-402) .
وينظر أيضا : " مجموع الفتاوى " (29/200-202) .

وبناء على هذا ؛ فأمثال هذه المنازعات بين أمناء وقف المسجد ، حول من هو أحق بالإدارة ليست من مصلحة المسجد ، وصرف أموال المسجد عليها ليس فيه تحقيق لمقصد الواقف ، فلا يصح صرف أمواله على هذا المرافعات .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب