الحمد لله.
أولا :
اعتبار النصاب في وجوب الزكاة يجب في مال كل فرد من أفراد الأسرة كل على حدة ، فلا يجب جمع ما يملكه جميع أفراد الأسرة ، وذلك لما يلي :
1- أن كل مسلم له ذمة مالية مستقلة ، فلا تجب عليه الزكاة حتى يبلغ المال الذي يملكه النصاب ويحول عليه الحول وهو في ملكك .
2- جعل الشرع من شروط وجوب الزكاة امتلاك النصاب ، وجعل ذلك هو الفارق بين الغني الذي تجب عليه الزكاة وبين الفقير الذي لا تجب عليه الزكاة . فما دام المسلم لا يملك نصابا من المال فلا زكاة عليه .
وإذا قيل بضم أموال الأسرة كلها فهذا معناه أننا نوجب الزكاة على من لا يملك نصابا .
ثانيا :
إذا كان كل واحد من أفراد الأسرة يستقل بحفظ ماله ، ولا تحفظون أموالكم في مكان واحد ، فلم يقل أحد من العلماء بوجوب ضم المال بعضه إلى بعض في احتساب النصاب .
أما إذا كان المكان الذي تحفظون فيه أموالكم واحدا ، فجمهور الفقهاء يقولون بأنه لا يضم لبعضه أيضا .
ولم يخالف في ذلك سوى الشافعية ، فقالوا : إذا حفظ النقد في مكان واحد فالمعتبر النصاب في مجموعه ولو تعدد ملاكه ؛ ما دام مكان الحفظ واحدا ، قال النووي رحمه الله : " قال أصحابنا : (الشافعية) صورة الخلطة أن يكون لكل واحد كيس دراهم في صندوق واحد ، أو أمتعة تجارة في حانوت واحد ، أو خزانة واحدة وميزان واحد " انتهى من " المجموع " (5/430).
والأصح ما ذهب إليه جمهور الفقهاء ، أن خلط الأموال لا يؤثر في الزكاة ، إلا في الماشية فقط ، أما سائر الأموال فلا تجب الزكاة حتى يبلغ ما يملكه كل مسلم النصاب .
قال ابن قدامة رحمه الله :
" إذا اختلطوا في غير السائمة (المواشي) ، كالذهب والفضة وعروض التجارة والزروع والثمار ، لم تؤثر خلطتهم شيئا ، وكان حكمهم حكم المنفردين . وهذا قول أكثر أهل العلم " .
انتهى من " المغني " (2/462-463) .
وقال البهوتي رحمه الله :
" لا أثر للخلطة في غير الماشية " انتهى من " كشاف القناع " (2/171) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" رجلان اشتركا في تجارة ، وكان مالهما نصاباً ، فليس عليهما زكاة ؛ لأن نصيب كل واحد منهما لا يبلغ النصاب ، فلا زكاة عليهما ، مع أنهما يتاجران في الدكان ؛ لأنه لا خلطة إلا في بهيمة الأنعام ، وفي غير بهيمة الأنعام لا تؤثر الخلطة " انتهى من " الشرح الممتع " (6/66) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : إذا كانت زوجة وبناتها ، ومعهن حلي ، ولكن حلي كل واحدة منهن لا يبلغ النصاب ، فهل يجمع كله ويدفع زكاته ؟
فأجاب:
" لا يجب ؛ لأن مال كل إنسان يخصه ، إلا إذا كان الحلي الذي على البنات ملكا للأم أعطته البنات على سبيل العارية ، فإنه يضم إلى حلي المرأة . وأما إذا كان الحلي الذي على البنات لهن ، فإن مال كل واحد يخصه ، ولا يكمل نصاب مال إنسان بمال إنسان آخر " .
انتهى من " مجموع فتاوى ورسائل العثيمين " (18/99) .
والخلاصة : أن الزكاة تجب على كل فرد من أفراد الأسرة إذا بلغ ما يملكه من الأموال النصاب ، فإذا لم يبلغ نصابا فلا زكاة عليه ، ولا يضم ماله إلى مال فرد آخر من أفراد الأسرة .
والله أعلم .
تعليق