الحمد لله.
أولا :
سبق الكلام عن أن تسمية المسجد باسم من أسماء الله سبحانه وتعالى ، مثل : مسجد الرحمن ، مسجد القدوس ، مسجد السلام ، ومعلوم أن الله سبحانه قال وقوله الفصل : ( وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا )، فالمساجد جميعها لله تعالى بدون تخصيص ، فتسمية مسجد باسم من أسماء الله ليكتسب العلمية على المسجد أمر محدث ، لم يكن عليه من مضى ، فالأولى تركه .
ثانيا :
الأصل أنه لا حرج في تسمية المسجد باسم " مسجد أهل الحديث "، فهي نسبة إلى وصف شرعي مقبول ، وما زال هذا الاسم عند أهل العلم محل ثناء وذكر بالخير ، فتسمية المسجد به أمر سائغ لا بأس به ، إن شاء الله تعالى .
وهذا الحكم إنما هو من حيث الأصل والعموم ، لكن قبل تطبيقه على حال مسجدكم ، ينبغي النظر في واقع بلادكم ؛ فإن كان الانتساب إلى أهل الحديث ، والتسمي باسمهم ، أو تسمية مسجدكم باسم " أهل الحديث " ، إن كان ذلك كله يترتب عليه تفريق لجماعة المسلمين ، أو إلقاء البغضاء في قلوبهم ، أو إحياء العصبيات الجاهلية ، ووقوع الفتن والإحن بين المسلمين : فينبغي ترك هذه التسمية ، بل ترك ما هو أعلى منها من المباحات والمستحبات إذا ترتب عليها شيء من هذه المفاسد ، وأقصى ما في تسمية مسجدكم بهذا أن يكون أمرا مباحا تركتموه ، وأمامكم من الأسماء الشرعية المباحة ، مما يجمع ولا يفرق ، ويؤلف ولا ينفر ، ما فيه غنية عن ذلك ، ولقد أنكر النبي صلى الله عليه وسلم المناداة بالأسماء الشرعية إذا كان باعثها التعصب لغير الحق .
ينظر جواب السؤال رقم : (124196)، وينظر أيضا للفائدة : جواب السؤال رقم : (12761) .
ثانيا :
إذا كان الأمر على العكس من ذلك ، وكانت جماعة المسجد حريصة ، أو مستمسكة بتسمية المسجد : "مسجد أهل الحديث" ، أو نحو ذلك من التسميات المباحة : فإننا لا نرى حرجا في ذلك ، ولا نرى للقائمين على المسجد أن يعاندوا تلك الرغبة ، ويوحشوا صدور إخوانهم من ذلك ، وإن كانت التسمية في أصلها أمرا مباحا ، لا هو واجب ولا مستحب ، وإنما هي تسمية حسنة ، مباحة ، يراد بها التمييز ، كما يسمى المسجد باسم قبيلة ، أو حي ، أو شخص ، أو نحو ذلك من الأسماء .
فإذا كان ترك هذه التسمية : سوف يوغر الصدور ، وربما نفر بعض المتعصبين من جماعة المسجد ، عن الصلاة فيه : فلا نرى لكم ، والأمر ذلك ، أن تتشددوا في أمر التسمية ، أو تغيروا اسما درج عليه الناس ، يترتب على تغييره تشويش على الجماعة ، أو لغط في المسجد ، أو نفرة ووحشة في القلوب ، وإلقاء العداوة بين المسلمين .
وإذا تصالحت جماعة المسجد على أمر عن رضا منهم ، فلا بأس به ؛ بل كل ما فيه إصلاح ذات البين ، وزوال الشحناء والبغضاء ، من المباحات : فهو أمر حسن ممدوح ، ينبغي أن تسعوا إليه ، وألا تجعلوا للشيطان على جماعتكم سبيلا .
والله أعلم .
تعليق