الحمد لله.
أولا :
صلاة التراويح هي قيام الليل في رمضان ، وليس في قيام الليل في رمضان ولا غيره حد محدود من الصلاة لا يتعداه المسلم ، فله أن يصلي بالليل في رمضان وفي غيره ما شاء من الصلاة .
ولو قسم أهل المسجد صلاة الليل في رمضان جزئين : جزء بعد العشاء ، وجزء آخر الليل ليدركوا فضيلة وقت السحر ويجتهدوا في العبادة ، وخاصة في العشر الأواخر ، ويجعلوا الوتر آخر الصلاة : فلا حرج عليهم في ذلك .
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
" لا بأس أن يزيد في عدد الركعات في العشر الأواخر عن عددها في العشرين الأول ويقسمها إلى قسمين : قسما يصليه في أول الليل ويخففه على أنه تراويح كما في العشرين الأول ، وقسما يصليه في آخر الليل ويطيله على أنه تهجد ، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها ". انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة – المجموعة الثانية " (6/82) .
ثانيا :
من صلى التراويح في مسجد ، ثم وجد مسجدا آخر لا يزال يصلي ، فذهب فصلى مع الناس : فلا حرج عليه أيضا ، لكن لا يصلي الوتر مرتين ، فإذا أوتر مع الأول لم يوتر مع الثاني ؛ لأنه لا وتران في ليلة .
ومثل هذا : لو كان إماما يصلي بالناس في مسجدين ، أو يصلي بجماعتين : في أول الليل ، وفي آخره ، أو كان يصلي مأموما مع إحداهما ، ويصلي إماما بالأخرى ؛ كل ذلك جائز لا حرج فيه إن شاء الله .
روى أبو داود (1439) - واللفظ له - ، والترمذي (470) ، والنسائي (1679) ، وأحمد (16296) عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ ، قَالَ : زَارَنَا طَلْقُ بْنُ عَلِيٍّ فِي يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ ، وَأَمْسَى عِنْدَنَا ، وَأَفْطَرَ ، ثُمَّ قَامَ بِنَا اللَّيْلَةَ ، وَأَوْتَرَ بِنَا ، ثُمَّ انْحَدَرَ إِلَى مَسْجِدِهِ ، فَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ ، حَتَّى إِذَا بَقِيَ الْوِتْرُ قَدَّمَ رَجُلًا ، فَقَالَ : أَوْتِرْ بِأَصْحَابِكَ ، فَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ ) ، وهذا الحديث حسنه ابن الملقن في " البدر المنير " (4/317) ، وكذا الحافظ في الفتح (2/481) ، وحسنه محققو المسند ، وصححه الألباني في " صحيح سنن أبي داود " .
قال السندي رحمه الله :
" ( فصلى بِأَصْحَابِهِ ) الظَّاهِر أَنه صلى بهم الْفَرْض وَالنَّفْل جَمِيعًا ، فَيكون اقْتِدَاء الْقَوْم بِهِ فِي الْفَرْض ، من اقْتِدَاء المفترض بالمتنفل " انتهى من " حاشية السندي على سنن النسائي " (3/ 230) .
وقد قال الإمام أحمد في الرجل يصلي شهر رمضان ، يقوم فيوتر بهم وهو يريد يصلي بقوم آخرين ؟
قال رحمه الله : " يشتغل بينهما بشيء ، بأكل أو شرب أو يجلس " رواه المروزي .
قال ابن القيم رحمه الله :
" وذلك لأنه يكره أن يوصل بوتره صلاة ، فيشتغل بينهم بشيء ، ليكون فصلا بين وتره وبين الصلاة الثانية ، وهذا إذا كان يصلي بهم في موضعه ، أما في موضع آخر فذهابه فصل ، ولا يعيد الوتر ثانية ( لا وتران في ليلة ) انتهى من " بدائع الفوائد " (4/111) .
وأكثر الفقهاء على أن مثل ذلك : جائز مطلقًا ، ولا يكره بحال .
وينظر : " فتح الباري " لابن رجب (6/258-259) .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" إذا أوترت في مسجدك ثم ذهبت إلى مسجد آخر ووجدت الناس يصلون ادخل معهم وصلِّ ، فإن أوتروا فقم بعد الوتر وصلِّ ركعة أكمل ليكون شفعاً ؛ لأنك قد أوترت من قبل " انتهى من " جلسات رمضانية " .
وانظر للفائدة جواب السؤال رقم : (20851) .
والله أعلم .
تعليق