الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

دعاء دخول المنزل

السؤال

نتمنى أن تفتونا بفتوى بخصوص الأذكار عند دخول المنزل، فلقد ضعف الشيخ الألباني رحمه الله الحديث المنتشر بكثرة الذي يخص دخول المنزل، وهو: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا وَلَج الرجلُ بيتَه، فليقلْ: اللهمَّ إني أسألك..........، ثم ليُسلِّمْ على أهْلِه) بينما حسنه الشيخ بن باز رحمه الله إذا أخذ أحد حكم الشيخ الألباني في الحديث فماذا يقول عند دخول المنزل؟ هل يكتفي بالبسملة فقط؟

ملخص الجواب

حديث (إذا ولج الرجل بيته، فليقل: اللهم إني أسألك خير المولج، وخير المخرج، بسم الله ولجنا، وبسم الله خرجنا، وعلى الله ربنا توكلنا، ثم ليسلم على أهله) ضعيف للانقطاع بين شريح بن عبيد وأبي مالك رضي الله عنه. الذي ثبت في السنة وفي كلام أهل العلم عن دعاء دخول المنزل أنه يسمي الله حينما يدخل ويذكر الله، ويسلم، وإن لم يكن أحد بالبيت.

الحمد لله.

ما صحة حديث (بسم الله ولجنا وباسم الله خرجنا)؟

روى أبو داود (5096) من طريق شُرَيْح بن عبيد عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا وَلَجَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ، فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ الْمَوْلَجِ، وَخَيْرَ الْمَخْرَجِ، بِسْمِ اللَّهِ وَلَجْنَا، وَبِسْمِ اللَّهِ خَرَجْنَا، وَعَلَى اللَّهِ رَبِّنَا تَوَكَّلْنَا، ثُمَّ لِيُسَلِّمْ عَلَى أَهْلِهِ.
وهذا الحديث ضعيف، للانقطاع بين شريح بن عبيد وأبي مالك رضي الله عنه، قال أبو حاتم: شريح بن عبيد عن أبي مالك الأشعري، مرسل ""التهذيب" (4/329).

وكان الشيخ الألباني قد صحح هذا الحديث، فلما تبين له أنه منقطع حكم بضعفه، فقال رحمه الله:

" كنت أوردت هذا الحديث في " الصحيحة " برقم (225)، ثم لفت نظري بعض الطلبة - جزاه الله خيرا - إلى أن فيه انقطاعا بين شريح وأبي مالك، وقد تنبهت له في حديث آخر، كنت ذكرته شاهدا للحديث المذكور في " الصحيحة " برقم (1502)، فسبحان من لا يضل ولا ينسى، أسأل الله تعالى أن لا يؤاخذني في الدنيا والأخرى.
والعمدة في ذلك قول ابن أبي حاتم في " المراسيل " (ص 60 - 61) عن أبيه:
" شريح بن عبيد الحضرمي لم يدرك أبا أمامة ولا الحارث بن الحارث ولا المقدام، وهو عن أبي مالك الأشعري مرسل ".
وأقره العلائي في "جامع التحصيل" (237 / 283).

ونحوه قول محمد بن عوف لمن سأله: هل سمع شريح من أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال:
" ما أظن ذلك، وذلك؛ لأنه لا يقول في شيء من ذلك: سمعت. وهو ثقة ". كما في " التهذيب " انتهى باختصار من "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (12/ 731-732).

ومع ذلك، فالحديث قد حسنه غير واحد من أهل العلم، كابن مفلح في "الآداب الشرعية" (1/ 400)، والشيخ ابن باز كما في فتاويه (26/35)، فمن أخذ بتحسين من حسنه وعمل به فلا ينكر عليه، لأن تصحيح أو تضعيف مثل ذلك، هو من مسائل الاجتهاد، وقد قال بكل منهما من قال من أهل العلم، وإن كان الأرجح في الحديث: الضعف.

ومثل ذلك: لو عمل بالحديث، باعتبار أن ضعفه غير شديد، أو لأنه يدل لأصله ما صح من الحديث في فضل ذكر الله عند دخول المنزل، أو نحو ذلك من الأعذار والتأويلات الشرعية السائغة. 

دعاء دخول المنزل

الذي ثبت في السنة، وفي كلام أهل العلم، أنه يسمي الله حينما يدخل ويذكر الله، ويسلم، وإن لم يكن أحد بالبيت .

قال النووي رحمه الله:
" يُستحبّ أن يقول إذا دخلَ بيتَه: باسم الله، وأن يكثرَ من ذكر الله تعالى، وأن يسلّمَ سواء كان في البيت آدميّ أم لا، لقول الله تعالى: فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً النور 61 " انتهى من "الأذكار" (ص 23).

وجاء في "الموسوعة الفقهية" (8/ 92):
" اتَّفَقَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ التَّسْمِيَةَ مَشْرُوعَةٌ لِكُل أَمْرٍ ذِي بَالٍ، عِبَادَةٍ أَوْ غَيْرِهَا " انتهى. وينظر: "تفسير ابن كثير" (1/ 120).

وقد روى مسلم في صحيحه (2018) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ، فَذَكَرَ اللهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ: لَا مَبِيتَ لَكُمْ، وَلَا عَشَاءَ، وَإِذَا دَخَلَ، فَلَمْ يَذْكُرِ اللهَ عِنْدَ دُخُولِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ، وَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اللهَ عِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ.
قال القاري رحمه الله في "مرقاة المفاتيح" (7/ 2693):
" قَالَ الْقَاضِي: الْمُخَاطَبُ بِهِ أَعْوَانُهُ، أَيْ لَا حَظَّ وَلَا فُرْصَةَ لَكُمُ اللَّيْلَةَ مِنْ أَهْلِ هَذَا الْبَيْتِ، فَإِنَّهُمْ قَدْ أَحْرَزُوا عَنْكُمْ أَنْفُسَهُمْ وَطَعَامَهُمْ، وَتَحْقِيقُ ذَلِكَ أَنَّ انْتِهَازَ الشَّيْطَانِ فُرْصَةً مِنَ الْإِنْسَانِ إِنَّمَا يَكُونُ حَالَ الْغَفْلَةِ وَالنِّسْيَانِ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ، فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ مُتَيَقِّظًا مُحْتَاطًا ذَاكِرًا لِلَّهِ فِي جُمْلَةِ حَالَاتِهِ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إِغْوَائِهِ وَتَسْوِيلِهِ، وَأَيِسَ عَنْهُ بِالْكُلِّيَّةِ " انتهى.

 

وينظر للاستزادة هذه الأجوبة: 77208، 44877، 297418، 284594.

والله تعالى أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب