الحمد لله.
إذا اطمأن قلبك لصدق دعوى زوجة أبيك ، خاصة مع شهادة أخواتك على وصية والدك ، فالواجب عليكم أداء هذا الدين لها ، ولكن من أموال التركة قبل قسمتها بين الورثة ، أي يؤدى هذا الدين مما تركه الوالد من مال أو عقار ؛ لأنه دين متعلق بذمته ، وليس بذمتك أنت ؛ فأنت – بحسب ما ورد في السؤال – لم توكله بالاستدانة لحسابك ، ولم تطلب منه ذلك ، بل لم تعلم بشأن هذا الدين إلا بعد وفاته ، وحينئذ لا يترتب عليك شيء ، ولو أخبر الوالد أنه استدان لحسابك ، فليس ذلك من حقه ، ولا يملك ذلك شرعاً .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” دين الميت لا يجب على الورثة قضاؤه ، لكن يُقضى من تركته ” انتهى من ” منهاج السنة ” (5/232) .
وانظر في موقعنا الفتوى رقم : (43085) .
فإن لم يترك الوالد مالاً بعد وفاته ، فلا يلزم الورثة أن يقضوا هذا الدين .
إلا أن نصيحتنا لك أن تؤدي هذا الدين عن والدك من حسابك الخاص ، خاصة إذا لم يكن له من المال ما يوفي دينه ، وكان عندك أنت وفاء ذلك الدين ؛ فذلك من البر به ، والإحسان إليه بعد وفاته ، فقد قصد مساعدتك والتخفيف عنك ، فلا أقل من أن تكافئ الإحسان بالإحسان ، وتؤدي ما أوصاك بأدائه ، بشهادة أخواتك .
فقد رُوي عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ – صَاحِبِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قال : ” بَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، هَلْ بَقِيَ عَلَيَّ مِنْ بِرِّ أَبَوَيَّ شَيْءٌ بَعْدَ مَوْتِهِمَا أَبَرُّهُمَا بِهِ ؟
قَالَ : ( نَعَمْ ، خِصَالٌ أَرْبَعَةٌ : الصَّلَاةُ عَلَيْهِمَا ، وَالِاسْتِغْفَارُ لَهُمَا ، وَإِنْفَاذُ عَهْدِهِمَا ، وَإِكْرَامُ صَدِيقِهِمَا ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ الَّتِي لَا رَحِمَ لَكَ إِلَّا مِنْ قِبَلِهِمَا ، فَهُوَ الَّذِي بَقِيَ عَلَيْكَ مِنْ بِرِّهِمَا بَعْدَ مَوْتِهِمَا ) رواه الإمام أحمد في ” المسند ” (25/457) .
وإنفاذ عهدهما يشمل تنفيذ هذه الوصية التي أوصى بها والدك ، وهذا وإن كان غير واجب عليك كما سبق ، إلا أنه من الإحسان إلى الوالد والبر به .
ولك الأجر عند الله سبحانه .
وتؤدي الدين بسعر الذهب يوم الوفاء ، وليس يوم القرض ، أو تؤدي وزنه ذهبا ، وهذا هو الأفضل .
وينظر ما سبق بيانه في الفتوى رقم : (136609) .
والله أعلم .
تعليق