الحمد لله.
كتاب " حصن المسلم " للدكتور سعيد بن علي القحطاني من الكتب المصنفة في باب الأذكار ، وهو كتاب مختصر جامع مفيد ، خفيف الحمل ، غزير الفائدة ، جيد في بابه .
وعامة ما ورد فيه ثابت بالأسانيد الصحيحة والحسنة ، وقد اجتهد مؤلفه في الاقتصار على الصحيح الثابت ما أمكنه ، واعتمد في ذلك على تصحيح أهل العلم بالحديث ، إلا أنه - كأي كتاب - لا يخلو من بعض الأحاديث الضعيفة ، أو المختلف فيها ، وهي نادرة بالنسبة لمجموعه .
فمن هذه الأحاديث :
- زيادة : " إنك لا تخلف الميعاد " الواردة في آخر ذكر الأذان ، رواها البيهقي (1933) وهي زيادة شاذة ، كما في "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (11/ 293) ، و "الإرواء" (1/160) ، والحديث ثابت بدونها ، كما رواه البخاري (614) .
- حديث : ( مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ أَوْ يُمْسِي: اللَّهُمَّ إِنِّي أَصْبَحْتُ أُشْهِدُكَ وَأُشْهِدُ حَمَلَةَ عَرْشِكَ وَمَلَائِكَتَكَ، وَجَمِيعَ خَلْقِكَ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ أَعْتَقَ اللَّهُ رُبُعَهُ مِنَ النَّارِ، فَمَنْ قَالَهَا مَرَّتَيْنِ أَعْتَقَ اللَّهُ نِصْفَهُ، وَمَنْ قَالَهَا ثَلَاثًا أَعْتَقَ اللَّهُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ، فَإِنْ قَالَهَا أَرْبَعًا أَعْتَقَهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ ) .
رواه أبو داود (5069) ، وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" .
وقد روي الحديث بلفظ : ( مَنْ قَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ وَأُشْهِدُ مَلَائِكَتَكَ وَحَمَلَةَ عَرْشِكَ، وَأُشْهِدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ، أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ، مَنْ قَالَهَا مَرَّةً أَعْتَقَ اللَّهُ ثُلُثَهُ مِنَ النَّارِ، وَمَنْ قَالَهَا مَرَّتَيْنِ أَعْتَقَ اللَّهُ ثُلُثَيْهِ مِنَ النَّارِ، وَمَنْ قَالَهَا ثَلَاثًا أَعْتَقَ اللَّهُ كُلَّهُ مِنَ النَّارِ) رواه الحاكم (1920) وصححه بهذا اللفظ ، وبدون التقييد بالصباح والمساء .
وينظر : "السلسلة الصحيحة" (267) .
- حديث : ( مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ اللَّهُمَّ مَا أَصْبَحَ بِي مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْكَ وَحْدَكَ ، لَا شَرِيكَ لَكَ، فَلَكَ الْحَمْدُ، وَلَكَ الشُّكْرُ، فَقَدْ أَدَّى شُكْرَ يَوْمِهِ، وَمَنْ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ حِينَ يُمْسِي فَقَدْ أَدَّى شُكْرَ لَيْلَتِهِ ) رواه أبو داود (5073) وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" .
- حديث : ( إِذَا أَصْبَحَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ: أَصْبَحْنَا وَأَصْبَحَ الْمُلْكُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ هَذَا الْيَوْمِ فَتْحَهُ، وَنَصْرَهُ، وَنُورَهُ، وَبَرَكَتَهُ، وَهُدَاهُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا فِيهِ وَشَرِّ مَا بَعْدَهُ، ثُمَّ إِذَا أَمْسَى فَلْيَقُلْ مِثْلَ ذَلِكَ ) رواه أبو داود (5084) وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" .
- حديث حَفْصَةَ، رضي الله عنها: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْقُدَ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى تَحْتَ خَدِّهِ ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ قِنِي عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ ، عِبَادَكَ ثَلَاثَ مِرَارٍ ) رواه أبو داود (5045) ، وهو صحيح دون قوله : (ثلاث مرار) ،
وقد رواه الترمذي (3398) من حديث حذيفة ، وابن ماجة (3877) من حديث ابن مسعود ، وأحمد (18472) من حديث البراء ، بدونها .
وانظر : "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (6/ 589) .
- (بارك الله لك في الموهوب لك، وشكرت الواهب، وبلغ أشده، ورزقت بره) . ويرد عليه المهنأ فيقول: (بارك الله لك وبارك عليك ، وجزاك الله خيرا، ورزقك الله مثله، وأجزل ثوابك) .
وليس لهذا أصل عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما ذكره النووي رحمه الله في " الأذكار" (ص 289): فقال :
" يُستحبّ تهنئة المولود له ، قال أصحابنا: ويُستحبّ أن يُهَنَّأ بما جاءَ عن الحسن رضي الله عنه أنه علَّم إنساناً التهنئة فقال: قل: باركَ الله لكَ في الموهوب لك، وشكرتَ الواهبَ ، وبلغَ أشدَّه ، ورُزقت برّه .
ويُسْتَحَبُّ أن يردّ على المهنئ فيقول: باركَ الله لك ، وبارَك عليك ، وجزاكَ الله خيراً ، ورزقك الله مثلَه ، أو أجزلَ الله ثوابَك ، ونحو هذا " انتهى .
والمصنف اعتمد على ذلك ، ولم يذكره على أنه حديث مرفوع .
ومع ذلك : فهذه الأحاديث وغيرها مما تُكلم فيه من أحاديث الكتاب : قد صحح غالبها
أو حسنه بعض أهل العلم ، كابن باز وعبد القادر الأرناؤوط وغيرهما ، فالخطب فيها
يسير ، وللمصنف حجته في إثباتها ، سواء كان مجتهدا في النظر بنفسه في هذه الأحاديث
وأسانيدها ، أو كان مقلدا لغيره من أهل العلم المعتبرين ، وتابعه في تصحيحها ،
فالخلاف في مثل ذلك مفهوم ، سائغ ، ليس جديدا في مثل هذه الأمور الاجتهادية ، ولا
إنكار في مثل ذلك .
فمن ترجح عنده ما ذهب إليه مصنف الكتاب ، أو وثق في حجة المصادر التي اعتمد عليها ،
فلا حرج عليه في مثل ذلك .
ومن ترجح عنده ضعف شيء مما أشرنا إليه ، أو غيره ، فترك الالتزام به ، فالأمر واسع
أيضا إن شاء الله ، وليأخذ العاقل ما صفا له ، ويدع ما كدر من ذلك الكتاب ، أو غيره
.
والله تعالى أعلم .
تعليق