الحمد لله.
إذا كان العمل الذي أسند إليك (مسئول عقارات) هو عمل يسير لا يترتب عليه زيادة واضحة في ساعات العمل ، أو في المجهود الذي تبذله : فقد جرت العادة بحصول هذا في الشركات ولا يأخذ الموظف راتبا مقابل هذا العمل ، وإن كان الأولى والأجدر بصاحب العمل أن يقدر تعب الموظف لديه ويكافئه على ذلك .
وإذا كان هذا العمل يترتب عليه زيادة في ساعات العمل أو زيادة واضحة في المجهود التي تقوم به في العمل فمن حقك أن تأخذ راتبا إضافيا مقابل هذا العمل .
ولكن ذلك لا يكون بدون علم صاحب العمل ، لأن استحقاقك لهذا الراتب ليس مقطوعا به ، بل هو مبني على التفصيل السابق ، ثم مقدار ما تستحقه من الراتب سيقع عليه نزاع أيضا .
وقد قرر كثير من العلماء أن
للإنسان أن يأخذ حقه بطريقة خفية إذا لم يستطع أخذه علنا ، ولكن بشرط أن يكون الحق
ثابتا بالشرع ، ويكون سببه ظاهرا وليس خفيا .
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :
"وهذه قاعدة مهمة : أنه يجب على الإنسان أن يؤدي الأمانة لمن أمَّنه على أي حال كان
....
إذا خانك أحد في معاملته فلا تخنه ، أدِّ الأمانة واصدق ، وإذا كان هو قد خانك
فحسابه على الله عز وجل ......
مثال ذلك : رجل استأجر أجيرا ، فعمل الأجير حتى انتهت مدة الإجارة ، وصار يطلب
المستأجر ، ولكنه يماطل به ، فقدر الأجير على أخذ شيء من ماله ، فهل يأخذ أو لا ؟
نقول : لا يأخذ ، لأن الواجب هنا بالعقد لا بالشرع .
وهذا يقع كثيرا ، ولو فتح الباب للأخذ بمثل هذا السبب غير الظاهر ، لكان كثير من
الناس يأخذ من مال غيره ويقول : أنا لي حق عليه ، ويحصل بهذا شر كثير ، ولو علم
صاحب المال بأن عامله أخذ من ماله بغير علمه ، حصل من الشجار والمنازعات ما لا يعلم
بمغبته إلا الله عز وجل .
أما ما كان واجبا شرعا ، كحق الضيف ، ونفقة الزوجة والأولاد ، وما أشبه ذلك ،
فهؤلاء لهم أن يأخذوا من مال من منعهم ، سرًّا أو علناً ، وذلك لأن سبب الوجوب ظاهر
معلوم ، فلا تقع فيه الخيانة ولا الفوضى ..
وإذا أدركت حقك في الدنيا فهو المطلوب ، وإن لم تدركه ففي الآخرة .
وعلى هذا نقول : إن التحيل على أخذ المال على غير وجه شرعي محرم " .
انتهى من "شرح منظومة أصول الفقه وقواعده" (ص280-284) .
وبناء على هذا ، فلا يصح أن
يكون الإنسان هو الخصم ، وهو الحكم في نفس الوقت .
وأخذك الراتب بدون علم صاحب العمل هو خيانة له في الأموال التي ائتمنك عليها ، وقد
قال النبي صلى الله عليه وسلم : (أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنْ ائْتَمَنَكَ ، وَلا
تَخُنْ مَنْ خَانَكَ ) رواه الترمذي (1264) وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .
وانظر لمزيد الفائدة الفتوى رقم : (138048)
.
والله أعلم .
تعليق