الحمد لله.
نعتقد أن تساؤلات الناس حول العلاج بالطاقة أو الطب المثلي دلالة واضحة على رسوخ الإشكال في قلوبهم وعقولهم تجاه هذه المعالجات ؛ ذلك أن الدواء الحقيقي المثبت علميا وتجريبيا لا يختلف أحد في العلاج به أو تعاطيه ، ولا يتساءل الناس حول حكمه الشرعي ، غير أن التشكك في نجاعة العلاج بما يسمى بـ " الطاقة "، وعدم الحصول على الاعتماد العلمي العالمي ، هو الباعث على التساؤل ، واللجوء إلى الرأي الشرعي ؛ للبحث عن الشرعية المفقودة ، فحيث افتقدت الشرعية العلمية ، يظن بعض الناس أن الشرعية الدينية تكفي وتغني .
وكذلك الشأن من جهة ما يسمى بـ " الطب المثلي " الذي يقرر أن الشخص المريض يمكن أن يعالج باستخدام كميات ضئيلة من مسببات أعراض المرض نفسها ، على حسب اطلاعنا في بعض المراجع الطبية المعتمدة .
وقد سبق لنا أن سجلنا تحفظنا الشرعي على العلاج بمثل هذه الأساليب غير المثبتة ، وخاصة إذا اختلطت بها ممارسات طقوسية مصبوغة بأرواح من الأديان الأخرى ، فحينئذ يتأكد التحفظ، ومع ذلك فنحن لا نغلق الباب حتى يختار العلم الحديث نتيجة واضحة يمكن البناء عليها .
وبعد ذلك أيضا لا بد من تنقية هذه العلاجات من كل أبعادها العقائدية والطقوسية المحرمة ، والإبقاء على النافع من الأساليب العلاجية المحضة .
وللمزيد ينظر في موقعنا الأرقام الآتية : (45559) ، (219222) ، (178938) ، (171454).
وأما العلاج عن بعد فالتحفظ
عليه أولى وأشد ، وإذا كان العلماء قد منعوا الرقية الشرعية على الشخص الغائب ، كما
قد سبق بيانه في الفتاوى : (1115) ، (140183)
، (144109) .
هذا مع أن الراقي لا يزيد على قراءة القرآن الكريم وبعض الأدعية النبوية ، فمنع
العلاج عن بعد بطرق مجهولة أو ترجع إلى عقائد وثنية أولى .
وحصول بعض النتائج الجيدة
لهذه الممارسات لا يعني أنها جائزة شرعا ، لأن هذه النتائج قد يكون لها أسباب أخرى
عديدة ، منها : أن يكون ذلك من إعانة الشيطان لهذا الشخص ليخدعه ويجره بذلك إلى ما
يريد ، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن الشيطان قد يخدع بعض أولياء
الله ! فيحدث له بعض الأشياء الخارقة للعادة حتى يظن الولي أنها من الكرامات التي
أكرمه الله بها .
فقال رحمه الله : "وَلَيْسَ مَنْ شَرْطِ وَلِيِّ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ مَعْصُومًا
لَا يَغْلَطُ وَلَا يُخْطِئُ ؛ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ بَعْضُ عِلْمِ
الشَّرِيعَةِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَشْتَبِهَ عَلَيْهِ بَعْضُ أُمُورِ الدِّينِ ...
وَيَجُوزُ أَنْ يَظُنَّ فِي بَعْضِ الْخَوَارِقِ أَنَّهَا مِنْ كَرَامَاتِ
أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَكُونُ مِنْ الشَّيْطَانِ لَبَّسَهَا عَلَيْهِ
لِنَقْصِ دَرَجَتِهِ ، وَلَا يَعْرِفُ أَنَّهَا مِنْ الشَّيْطَانِ " .
انتهى من مجموع فتاوى شيخ الإسلام " (11/201-202) .
والله أعلم .
تعليق