الحمد لله.
أولا : " إذا كان لا يحصل من جهاز ترديد الصدى إلا تحسين الصوت داخل المسجد فلا بأس به؛ أما إذا كان يحصل منه ترديد الحروف فحرام؛ لأنه يلزم منه زيادة حرف أو حرفين في التلاوة ، فيغير كلام الله تعالى عما أنزل عليه " .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (15/160) .
فإذا أدى وجود جهاز صدى الصوت إلى ترديد الحروف في المسجد وجب تعديل نظامه بحيث لا تتكرر به الحروف .
وقد سئل ابن عثيمين رحمه الله :
إننا نصلي التراويح في بعض المساجد وفيها هذا الجهاز الذي يدعونه بالصدى، أي: الذي يكرر الكلام، وهو مما يساعد على الخشوع، وقد سمعنا لكم فتوى بحرمة هذا الجهاز، فهل هذا صحيح؟ وهل هذا التردد المنهي عنه يبطل الصلاة في هذا المسجد؟ وهل يأثم المصلي في تلك المساجد أم لا؟ وما حكم الإمام حينئذٍ؟
فأجاب :
" نعم ، أفتيت بأن الصدى حرام، وأرجو ممن سمع مقالي هذا أن يبلغه؛ لأن الصدى كما سمعت يردد الحرف ولا سيما الحرف الأخير، هو يردد كل الحروف لكن الحروف التي قبل الأخير تدخل في الحرف الثاني ولا يبين التردد لكن في الحرف الأخير يبين، ولا شك أن هذا زيادة في كلام الله عز وجل، وإلحاق للقرآن الكريم بالأغاني المطربة، وهذا مما نهي عنه وذمه السلف، السلف ليس عندهم هذا، لكن يقولون: إن الإنسان إذا جعل نغماته في القرآن الكريم كنغمات الأغاني فإن ذلك منهي عنه ومذموم، فكيف إذا جعلت هذه الآلة التي تزيد في القرآن ما ليس منه؟ يجعل الراء عدة راءات، والنون عدة نونات، وهكذا بقية الآية، ونحن ما جئنا لنطرب، الذي يريد الطرب يذهب إلى محلٍ آخر.
وأما كونه أزيد في الخشوع فهذا ليس عند من يرى أن ذلك حراماً، عند إنسان جاهل سمع هذا الإطراب والتغني وتلذذ به، لكن عند من يرى أن ذلك حرامٌ وأنه زيادة في كلام الله ما ليس منه، فلا يمكن أن يخشع، بل لا يزداد إلا نفوراً عن المكان والمسجد والإمام.
وأرى أن الإمام الذي يفعل هذا يجب أن ينصح ويقال: يا أخي! الناس يتعلقون بذمتك، وهذا أمر ليس جائزاً فلا تفعل، لا بأس إن اكتفى بالميكرفون الداخلي خاصة دون المنارة، لا بأس إذا كان هذا أبين لصوتك وأهون لك أنت؛ لأن الإنسان في التراويح إذا لم يكن صوته قوياً جدًّا ربما يزداد في رفع الصوت فيتكلف ويشق عليه، فإذا جعل مكبر الصوت مكبراً عادياً أعانه على ذلك، هذا لا بأس لكن بشرط: ألا يكون في المنارة، وبشرط أن يكون مكبر الصوت بلا صدى، الصدى يقطع سلكه على طول ويبعد في الحال " انتهى من "اللقاء الشهري" (33/ 15) بترقيم الشاملة .
ثانيا :
أما بطلان الصلاة ، فإنها لا تبطل بذلك ، ما دام قد قرأ الفاتحة كاملة . وتكرار بعض الحروف فيها – إن وقع - لا يغير معنى القرآن الكريم حتى يقال ببطلان الصلاة .
وقد سئل الشيخ عبد الكريم الخضير حفظه الله : هل يقال ببطلان الصلاة مع وجود الصدى؟
فأجاب :
" لا يقال بالبطلان، يحتاج إلى نص، فإذا اشتملت الصلاة على شروطها وأركانها وواجباتها لا يقال ببطلانها؛ لأن النهي عاد إلى أمر خارج عنها، فلا يقتضي البطلان " انتهى .
http://shkhudheir.com/fatawa/1346223063
وقد ذكرت – أخي السائل – أن هذا الصدى لا يحصل دائما ، وإذا حصل فالغالب أنه يكون خفيفا ، وهذا يجعل الحكم أخف ، ويؤيد الحكم بعدم بطلان الصلاة .
وأما الصلاة في هذا المسجد فلا حرج عليك من الصلاة فيه لأن الصلاة صحيحة .
لكن .... إذا كنت ترى في نفسك أنك تنشغل بهذا الصدى ويؤثر ذلك على خشوعك في الصلاة ، وأن صلاتك في المسجد الآخر ستكون أخشع : فالأفضل لك أن تصلي في المسجد الثاني الذي ستكون صلاتك فيه أكمل ، والمسافة التي ذكرتها ليست بالمسافة البعيدة التي تشق على الإنسان .
والله أعلم .
تعليق