الحمد لله.
أولا :
يجب على الإنسان أن يسير على طريق مستقيم حتى يصل إلى مرضاة الله تعالى وجنته .
(اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) الفاتحة/6 ، فعليه أن يعلم أنه إن نزل عن هذا الطريق وانحرف عنه فقد سار في الطريق الخطأ ، الذي لن يصل به لا إلى راحة الدنيا وسعادتها ، ولا إلى جنة الآخرة ونعيمها ؛ وإنما يصل به إلى الشقاء والعذاب .
والخطوة الأولى للرجوع إلى
الاستقامة على هذا الطريق : أن يعرف الإنسان أن ما فعله خطأ.
ثم تأتي الخطوة الثانية : وهي الابتعاد عن ذلك الخطأ وعدم فعله ، ثم إن ضَعُفَ
الإنسانُ في بعض الأوقات ، وانحرف عن الطريق فإنه يجب عليه أن يعود إلى الطريق
الصحيح ، فيندم على ذلك الخطأ ، ويتراجع عنه ولا يستمر على الخطأ ، ويعزم على
الاستقامة على الطريق المستقيم وعدم الانحراف عنه مرة أخرى ، وهذه هي " التوبة " .
ثم إن ضَعُفَ ثانيا : تاب ثانيا .... وهكذا .
والله تعالى يعلم أن الإنسان
لن يستقيم على الطريق في جميع الحالات والأوقات ، بل لابد له من بعض انحرافات ،
قليلة أو كثيرة ، ولهذا شرع الله تعالى لنا التوبة ليغفر لنا هذه الانحرافات ،
ولذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ ، وَخَيْرُ
الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ) رواه الترمذي (2499) وحسنه الألباني في " صحيح
الترمذي " .
فعليك أن تستمري في التوبة ، فكلما أخطأت : ندمت وعزمت على الاستقامة وعدم العودة
لذلك الخطأ مرة أخرى ، وهكذا .
ثانيا :
هناك أسباب كثيرة تجعل المسلم يتغلب على الشيطان الذي يوسوس له بالشر ، ويتغلب أيضا
على نفسه التي تأمره بالسوء .
فمن هذه الأسباب :
• الخوف من الله تعالى الذي لا يخفى عليه خافية، وسيحاسب العبد على ما فعل في
الدنيا ، لا يخفى على الله من عمله شيء .
• الحياء من الله تعالى ، يستحيي أن يراه الله وهو على معصيته .
• الخوف من عذاب القبر ومن عذاب النار ومن الخزي والفضيحة في الآخرة .
• الرغبة في دخول الجنة والفوز بها .
وكل هذه الأسباب إذا ترك المسلم المعصية لأجل سبب منها ، أو لأجلها جميعا : فإنه
يكون تركها من أجل الله ، ويثيبه الله تعالى على هذا الترك .
وهناك أسباب أخرى تجعل
المسلم يترك المعصية أيضا ، وهي أسباب ليست مذمومة ، ولكنها لا يثاب المسلم إذا ترك
المعصية من أجلها ، لأنه لم يتركها لله .
من هذه الأسباب :
- الخوف من الفضيحة في الدنيا ، وسقوط المنزلة أمام الناس .
وقد ذكرت أن من يراك يظن أنك مؤدبة ، فحافظي على هذا الأدب ، وحافظي على مكانتك
واحترام الناس لك .
- الخوف من أن تشغله هذه المعصية عما هو أهم من أمور حياته ، وقد ذكرت أنك رسبت في
الدراسة بسبب هذه الخطيئة .
- الخوف من أن تجره تلك الخطيئة إلى ما هو أشد ، وهنا يكون الأمر في غاية الخطورة ،
لاسيما في حالتك ، فقد تبدأ الفتاة بمثل هذه المحادثات وهي تتسلى أو تلعب أو تضيع
الوقت ، لكنها سرعان ما تقع في شباك الشيطان ، حيث يتعلق قلبها بذلك الشاب أو بتلك
المحادثات ، فلا تستطيع الكف عنها ، ثم يكون ما هو أخطر وهو المحادثات الهاتفية ،
قد تبدأ في أول الأمر على استحياء ، ولكنها سرعان ما تصل إلى درجة الإدمان هي
الأخرى ويصعب الكف عنها . ... ثم تكون اللقاءات .... ثم ....
وقد سلكت كثير من الفتيات
هذا الطريق خطوة خطوة ، ولم يستفقن إلا في نهايته ، بعد أن تكون الفتاة خسرت ما لا
يمكن تعويضه .
كل هذه الأسباب تجعلك تتركين هذا الخطأ الذي تمارسينه .
وانظري لمزيد الفائدة الفتوى رقم : (84089)
.
ثالثا :
مما يعينك على ترك هذه المعصية إشغال النفس بطاعة الله تعالى وبالأشياء والأعمال
المفيدة ، حافظي على الصلاة ، فإنها تصلح قلب المؤمن ، وتنهاه عن الفحشاء والمنكر (
وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ)
العنكبوت/45.
وأكثري من ذكر الله تعالى ومن قراءة القرآن الكريم فإنه يطرد عنك الشيطان ويجعلك
دائما قريبة من الله تعالى .
لا تجعلي عندك وقت فراغ يتسلل الشيطان إليك منه .
لا تجلسي منفردة كثيرا ، إلا أن تكوني مشغولة بطاعة أو شيء مفيد .
وأهم نصيحة لك هنا ، نؤكد
عليك بها : أن تغلقي عنك سبل التواصل مع هؤلاء الشبان ؛ ففتاة في مثل عمرك : ما
حاجتها إلى التواصل عبر الإنترنت ، بل ما حاجتها إلى الدخول إلى تلك الشبكة أصلا .
لا بد أن تكوني حازمة جادة في ذلك ، وإن كان لك أمر ، لا بد منه في ذلك ، فلا تدخلي
فيه بمفردك ، بل تدخلين في وجود والدتك ، أو بعض إخوانك ، وتقضين حاجتك ، ثم تعودين
إلى حياتك ، ومصالحك .
وأخيرا نسأل الله تعالى أن يحفظك من كل سوء وأن يوفقك لكل خير .
والله أعلم .
تعليق