الخميس 20 جمادى الأولى 1446 - 21 نوفمبر 2024
العربية

تتساءل عن الحكمة في خلق الشهوة الجنسية وتشكو من تأثير ذلك على عقيدتها

224886

تاريخ النشر : 06-05-2015

المشاهدات : 97075

السؤال


لدي مشكلة عقدية أخفيتها لسنوات ، لكنني أدركت أخيرا أنها تتفاقم ، وستأتي على بنيان العقيدة كاملا إن لم تعالج . لدي نفس تتعشق الكمال ، وأحب أن أراه في العقيدة التي أعتنقها ، لكنني - ومنذ أن كبرت وعرفت طبيعة تكوين الإنسان وشهوته - أصبت بخيبة أمل ، وبدأت أسئلة كثيرة تلح علي لا أجد لها جوابا .

لماذا ركب الخالق عز وجل تلك الشهوة لدى البشر ، مع قدرته العظيمة على جعل استمرار البشرية يتم بغير تلك الطريقة البشعة ، التي تحط من شأن الإنسان إلى درك الحيوان ؟

لماذا ركب تلك الشهوة الجامحة لدى الإنسان ثم أمره بجهادها، ونهاه عن ارتكاب الآثام والفواحش بدافع منها ؟ كيف أمر الإنسان بجهاد شهوته وكبح جماحها ، وفي القرآن الكريم آيات كثيرة تتلى في المساجد على الملأ تتحدث عن التمتع بالنساء الأبكار ؟

لماذا ركب الشهوة عند كل البشر ، ثم يحرم الكثير منهم من الزواج ، وهو السبيل الوحيد المباح لإشباعها ؟

الأمر الذي أذهلني ، كيف يحرم الزنا ، ثم يبيح للرجل معاشرة الإماء والسراري دون زواج ، وبأي عدد ، ولو كن متزوجات ؟

أرجو منكم الدعاء بالهداية ، وإجابة سريعة تشفي قلبي المكلوم . ولكم عند الله جزيل الثواب لإنقاذ عقيدة مؤمنة تتداعى .

الجواب

الحمد لله.


لا نكتمك سرا أننا حين نقرأ هذا النوع من الوساوس ، نتعجب غاية العجب من المستوى الذي تبلغه النفس البشرية ، حين تتكلف إنشاء التساؤلات التي لا تثمر نتائج عملية ، ولا تنتج معرفة ينتفع بها ، أو على الأقل يمكن البناء عليها .
كلما حدث أمر في هذا الكون ، أو تبين وجه في هذا الخلق العظيم ، ثار بعض الناس بالسؤال عن الحكمة ، وانشغلوا به عن سؤال الرسالة المرادة من سائر العباد .
وإنما مثلهم في ذلك ، كمثل الموظف الذي يقضي يومه منشغل الفكر والبال في تحليل "الأسرار" التي تحمل إدارة شركته على إصدار كل تعميم ، وعن الحكمة من كل حركة وسكون ، حتى تغدو كلمة " لماذا " نقمة عليه وعلى أمثاله ، إلى القدر الذي يفقد معه هذا المتسائل أسباب التفكير المنطقي السليم ، ثم يعود ليفقد "وظيفته" التي جاء من أجلها ؛ لأنه لو تأمل لعلم أن سؤال " لماذا " سيرد على كل وجه ، حتى لو اتخذت الشركة طريقا غير الطريق الذي تساءل عنه أولا ، فإنه سيوجه التساؤل نفسه للمسلك الآخر الذي نهجته شركته ، وهكذا ، إلى ما لا نهاية .
وهو ما تفرضه النفس الأمارة بالسوء أيضا على كثير من البشر : لماذا خلق الله الشهوة الجنسية على هذا الشكل ؟!
ولو أن الله عز وجل خلقها على هيئة أخرى لقالوا : لماذا خلقها الله على هذه الهيئة ؟
ولو خلقها بوجه ثالث لقالوا : ما الحكمة في هذا التركيب ؟
والمشكلة الأعظم حين يغدو سؤال " الحكمة " هذا سببا للشك في العقيدة ، وضعف الإيمان ، والانحدار عن درجة اليقين ، وكأن المبادئ والعقائد والفلسفات الكبرى تقوم على هذا النوع " العامي " من التساؤلات .
ألا تعلمين أن أحد أسرار وجود بني البشر هو " اختبار العبودية لله تعالى "، بمعنى أن يتعرض هذا الإنسان لبواعث الصلاح والفساد في الوقت نفسه ، كما قال عز وجل : ( إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ) الإنسان/3، وقال تعالى : ( وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ) العلق/10: أي " طريقي الخير والشر ، بيَّنَّا له الهدى من الضلال ، والرشد من الغي " كما يقول الشيخ السعدي رحمه الله في " تيسير الكريم الرحمن " (ص924).
فيدخل في الاختبار الصعب : هل يختار طريق الخير أم طريق الشر ؟
ثم إذا اختار الخير ، هجمت عليه أيضا نوازع فساد من نوع آخر .
وإذا سلك طريق الهلاك ، لم يُحرم أيضا من حوافز الصلاح بشكل أو بآخر .
وكل هذه " البواعث " أو " المرغبات " في طريقي النجاة والهلاك مركبة في النفس البشرية تركيب جِبِلَّة وخِلقة ، بحيث لا ينفك الإنسان عنها بحال من الأحوال ، فيبقى في كل لحظاته وسكناته ، وفي جميع أطواره وأحواله ، في معركة " الاختبار " تلك ، لا يخرج منها إلا إذا أسلم الروح إلى بارئها ، ولهذا قالوا : كل حي ترد عليه الفتنة ، ولا يسلم منها إلا الأموات .
والشهوة واحدة من هذه البواعث المجبولة في طينة النفس البشرية ، تماما كحب المال والجاه والبنين .
وفي الوقت نفسه أيضا خلق الله في كوامن الإنسان معرفة الله سبحانه ، والفقر إليه ، وحب قيم الخير والصلاح ، كالصدق والإحسان والبناء والتعلم ، وحينئذ سيعيش هذا الصراع في حياته ، صراع الخير والشر ، فإذا اختار الخير والصلاح والتُّقى ، كان عند الله عز وجل أعظم مكانة من الملائكة المطهرين ؛ لأنه اختار طريق الطهر بعد فتنة وابتلاء .
وأما الملائكة فليس فيهم نوازعُ تدعوهم إلى طريق الشر أصلا ، وفرق بين من يمتحن فيتعرض لمغريات الفساد ، فيتخذ بإرادته الصارمة طريق الحق والسعادة ، فهو في أعلى المنازل عند الله سبحانه ، وبين من يتعبد لله تعالى ، لا عن اختيار ، كما هو شأن الملائكة .
وقد جاءت هذه الحكمة واضحة في قول الله عز وجل : ( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ . قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَاد ) آل عمران/14-15.
ثم إن تساؤلك عن الحكمة من تركيب الشهوة الجنسية على هذه الهيئة المعروفة : يدل على الحكمة نفسها ؛ فمتاع الحياة الدنيا نفسه ، خلق الله عز وجل فيه من المحسنات والمنفرات ما يحقق التوازن أيضا ، ويضع الإنسان أمام اختبار موضوعي متزن ، لا يضطره إلى الفشل التام ، ولا يفقد قيمته بسهولته ، أو بضمور أسباب الشهوات .
فحب الجاه مثلا شهوة مركبة في الإنسان ، لكنها في الوقت نفسه تنطوي على العديد من المنفرات والتحديات والآفات وأنواع الأذى ، مما هو معلوم لا يخفى .
وحب الأبناء مثلا ، شهوة مركبة في النفس البشرية ، يرغِّبُ فيها جمالُهم وبراءتهم وقدرتهم على جلب السعادة ، وعونهم وبرهم في الكبر أيضا ، ولكن في الوقت نفسه فإن إنجابهم وتربيتهم ، وتحمل مسؤولياتهم طريق مليء بالمخاطر والآلام ، الأمر الذي يحقق " الاختبار " نفسه داخل " أدوات الاختبار "، ويخلق التوازن المطلوب في هذا الكون في جميع تفاصيله ، وعلى جميع المستويات .
وهكذا ينبغي أن نفهم الشهوة الجنسية التي فطر الإنسان عليها ، تنطوي على السكن النفسي ، والطمأنينة القلبية ، والسعادة الروحية ، واللذة البدنية التي لا تعدلها لذة الطعام والشراب . وفي المقابل أيضا : تحمل في طياتها ما يرغِّبُ عنها ، وينفر منها ، حين يتصور المرء ما تفرضه على المجتمعات من أوزار وأثقال ، تبدأ من اعتداء المتحرشين ، وسعار حيواني يستغل كل ما يثير الشهوات في كل تفاصيل الحياة ، وينتهي باللقطاء وجرائم القتل والاغتصاب التي تدفع نحوها هذه الشهوة .
وفي جميع ما سبق ثمة طريق مباح لشهوة الجاه والولد والجنس والمال ، نصب الله عز وجل عليه من الأسباب والدواعي والمرغبات ما يقاوم الطريق المحرم ، فليس مقبولا ولا مرضيا أن يعترض أحد على خلق الشهوة والدعوة إلى جهادها ، فقد فتح الله عز وجل من أبواب المباح الشيء الكثير ، والزواج أمر ميسور ، لكن الآصار الاجتماعية – التي وضعها الإنسان لنفسه - هي التي حالت دون زواج الكثير من الناس ، منها ما اصطنعه الأفراد بسبب تعنتهم في شروط زواجهم وتكاليفه ، ومنها ما اصطنعته المجتمعات بسبب التعنت في مفهوم الزواج وقوانينه وأعرافه . وكل ذلك مخالف لشرع الله .
يقول الراغب الأصفهاني رحمه الله :
" أصعب هذه القوى الثلاث مداواة قمع الشهوة ، لأنها أقدم القوى وجودًا في الإنسان ، وأشدها به تشبّثًا ، وأكثرها منه تمكنًا ، فإنها تولد معه ، وتوجد فيه وفي الحيوان الذي هو جنسه .... ثم توجد فيه قوة الحمية ، ثم آخرًا توجد فيه قوة الفكر والنطق والتمييز .
ولا يصير الإنسان خارجًا من جملة البهائم ، وأسر الهوى ، إلا بإماتة الشهوات البهيمية ، أو بقهرها وقمعها إن لم يمكنه إماتتها ، فهي التي تضره وتغره ، وتصرفه عن طريق الآخرة ، وتثبطه .
ومتى قهرها وأماتها ، صار الإنسان حرًّا نقيا ، بل يصير إلهيًّا ربانيًّا ، فتقل حاجاته ويصير غنيًّا عما في يد غيره ، وسخيًّا بما في يده ، ومحسنًا في معاملاته .
فإن قيل : فإذا كانت قوة الشهوة بهذه المثابة في الإضرار ، فأي حكمة اقتضت أن يبلى بها الإنسان ؟
قيل : الشهوة إنما تكون مذمومة إذا كانت مُفْرِطَة ، وأهملها صاحبها حتى ملكت القوى ، فأما إذا أُدِّبَت ، فهي المُبَلِّغة إلى السعادة ، وجوارِ رب العزة ، حتى لو تُصُوِّرت مرتفعة ، لما أمكن الوصول إلى الآخرة !!
وذلك أن الوصول إلى الآخرة بالعبادة ، ولا سبيل إلى العبادة إلا بالحياة الدنيوية ، ولا سبيل إلى الحياة الدنيوية إلا بحفظ البدن ، ولا سبيل إلى حفظ البدن إلا بإعادة ما يتحلل منه ، ولا يمكن إعادة ذلك إلا بتناول الأغذية ، ولا يمكن تناول الأغذية إلا بالشهوة ، فإذًا الشهوة محتاج إليها ، ومرغوب فيها ، وتقتضي الحكمة الإلهية إيجادها وتزيينها ، كما قال تعالى : ( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ) آل عمران/14.
لكن مثلها كمثل عدو تُخشى مضرتُه من وجه ، وتُرجَى منفعته من وجه ، ومع عداوته لا يُستغنى عن الاستعانة به ، فحق العاقل أن يأخذ نفعه ، ولا يسكن إليه ، ولا يعتمد عليه إلا بقدر ما ينتفع به .
وما أصدق ـ في ذلك ـ قول المتنبي ، إذا تُصُوِّر في وصف الشهوة ، وإن قصدها فما أجود ما أراد :
ومن نكد الدنيا على الحُرِّ أن يرى ... عدواً له ، ما من صداقته بُدُّ
وأيضًا فهذه الشهوة هي المشوقة لعامة الناس إلى لذات الجنة من المأكل والمشرب والمنكح ، إذ ليس كل الناس يعرف اللذات المعقولة .
ولو توهمناها مرتفعة ، لما تشوقوا إلى ما وعدوا به من قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( فيها ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر )" .
انتهى من " الذريعة إلى مكارم الشريعة (ص: 99-100) .
ويقول ابن قيم الجوزية رحمه الله :
" اقتضت حكمة العزيز الحكيم أن ابتلى المخلوق من هذه المادة بالشهوة والغضب والحب والبغض ولوازمها ، وابتلاه بعدوه الذي لا يألوه خبالا ، ولا يغفل عنه ، ثم ابتلاه مع ذلك بزينة الدنيا ، وبالهوى الذي أمر بمخالفته . هذا على ضعفه وحاجته .
وزين له حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ، وأمره بترك قضاء أوطاره وشهواته في هذه الدار الحاضرة العتيدة المشاهدة ، إلى دار أخرى ، غايته إنما تحصل فيها بعد طي الدنيا والذهاب بها .
وكان مقتضى الطبيعة الإنسانية أن لا يثبت على هذا الابتلاء أحد ، وأن يذهب كلهم مع ميل الطبع ودواعي الغضب والشهوة ، فلم يُخَلِّ بينهم وبين ذلك خالقهم وفاطرهم ، بل أرسل إليهم رسله وأنزل عليهم كتبه ، وبين لهم مواقع رضاه وغضبه ، ووعدهم على مخالفة هواهم وطبائعهم أكمل اللذات في دار النعيم ، فلم تقو عقول الأكثرين على إيثار الآجل المنتظر بعد زوال الدنيا ، على هذا العاجل الحاضر المشاهد ، وقالوا : كيف يباع نقد حاضر ، وهو قبض باليد ، بنسيئة مؤخرة وعدنا بحصولها بعد طي الدنيا وخراب العالم .
ولسان حال أكثرهم يقول :
" خذ ما تراه ودع شيئا سمعت به ".
فساعد التوفيق الإلهي مَن علم أنه يصلح لمواقع فضله ، فأمده بقوة إيمان وبصيرة ، رأى في ضوئها حقيقة الآخرة ودوامها ، وما أعد الله فيها لأهل طاعته وأهل معصيته ، ورأى حقيقة الدنيا وسرعة انقضائها ، وقله وفائها ، وظلم شركائها ، وأنها كما وصفها الله سبحانه : لعب ولهو ، وتفاخر بين أهلها وتكاثر في الأموال والأولاد ، وأنها كغيث ( أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما ).
فنشأنا في هذه الدار ونحن منها وبنوها ، لا نألف غيرها ، وحكمت العادات ، وقهر سلطان الهوى ، وساعده داعي النفوس ، وتقاضاه موجب الطباع ، وغلب الحس على العقل ، وكانت الدولة له ، والناس على دين الملك .
ولا ريب أن الذي يخرق هذه الحجب ، ويقطع هذه العلائق ، ويخالف العوائد ، ولا يستجيب لدواعي الطبع ويعصي سلطان الهوى لا يكون إلا الأقل" .
انتهى من " شفاء العليل " (265-266)
وأما قولك في آخر السؤال :
" الأمر الذي أذهلني ، كيف يحرم الزنا ثم يبيح للرجل معاشرة الإماء والسراري دون زواج ، وبأي عدد ، ولو كن متزوجات "
فنطمئنك أن الإسلام لم يبح للسيد معاشرة إمائه المتزوجات ، هذا حرام باتفاق العلماء ، كما جاء في " الموسوعة الفقهية الكويتية " (11/298) – في شروط إباحة التسري - : " ألا تكون زوجة غيره ". ولم ينقلوا في ذلك أي اختلاف .
ثم اعلمي ، يا أمة الله :
" أن العقلاء قاطبة متفقون على : أن الفاعل إذا فعل أفعالا ، ظهرت فيها حكمته ، ووقعت على أتم الوجوه وأوفقها للمصالح المقصودة بها ، ثم إذا رأوا أفعاله قد تكررت كذلك ؛ ثم جاءهم من أفعاله ما لا يعلمون وجه حكمته فيه لم يسعهم غير التسليم ؛ لما عرفوا من حكمته ، واستقر في عقولهم منها . وردوا منها ما جهلوه ، إلى محكم ما علموه ...
فهلا سلكوا هذا السبيل مع ربهم وخالقهم ، الذي بهرت حكمته العقول ، وكان نسبتها إلى حكمته أولى من نسبة عين الخفاش ، إلى جِرم الشمس ؟!
ولو أن العالم الفاضل المبرِّز في علوم كثيرة ، اعترض على من لا يشاركه في صنعته ، ولا هو من أهلها ، وقدح في أوضاعها لخرج عن موجب العقل والعلم ، وعُد ذلك نقصا وسفها؛ فكيف بأحكم الحاكمين ، وأعلم العالمين ، وأقدر القادرين " ؟! .
انتهى من "شفاء العليل" لابن القيم (218) .
نسأل الله أن يشرح صدرك ، ويهدي قلبك ، ويزيدك إيمانا ، ويقينا ، وهدى .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب