الحمد لله.
روى مسلم (2230) عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ) .
وروى أحمد (9536) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( مَنْ أَتَى كَاهِنًا، أَوْ عَرَّافًا، فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ ) وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (5939) .
والعراف : هو اسم عام للكاهن والمنجم والرَّمَّال ونحوهم ، ممن يستدل على معرفة الغيب بمقدمات يستعملها .
ولا يجوز الذهاب إلى الكهان والعرافين ، فالذهاب إليهم وسؤالهم كبيرة من كبائر الذنوب ، أما تصديقهم فكفر ، لأن الغيب لا يعلمه إلا الله .
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
" من أتى عرافا فسأله لم تقبل له صلاة أربعين ليلة، فإن صدقه فقد كفر " .
انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " (1/ 621) .
وانظر جواب السؤال رقم : (85541) .
ولا يشترط لتحقيق قوله صلى الله عليه وسلم : (مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ) أن يأتي إليه حقيقة ، سواء في بيته أو دكانه أو مجلسه ، إذ المقصود النهي عن التوصل إليه بأي وسيلة لسؤاله .
فالمنهي عنه هو سؤاله وتصديقه ، والنهي عن إتيانه إنما هو لأنه وسيلة لسؤاله وتصديقه ، فكل وسيلة تؤدي إلى هذا المحرم فهي محرمة .
فإذا سأله في الهاتف ، أو البريد ، أو موقع تواصل ، أو نحو ذلك من وسائل التواصل مع العراف ، بغرض معرفة أمر غائب عن صاحبه : فهو كإتيانه والذهاب إليه .
قال ابن القيم رحمه الله :
" لما كانت المقاصد لا يتوصل إليها إلا بأسباب وطرق تفضي إليها ، كانت طرقها وأسبابها تابعة لها معتبرة بها .
فوسائل المحرمات والمعاصي ـ في كراهتها والمنع منها ـ : بحسب إفضائها إلى غاياتها وارتباطاتها بها .
ووسائل الطاعات والقربات ـ في محبتها والإذن فيها ـ بحسب إفضائها إلى غايتها ...
فإذا حرم الرب تعالى شيئا ، وله طرق ووسائل تفضي إليه : فإنه يحرمها ويمنع منها ، تحقيقا لتحريمه ، وتثبيتا له ، ومنعا أن يقرب حماه .. " انتهى من " إعلام الموقعين" (3 / 135) .
وأما إذا قدر أن رجلا عنده من العلم ما يمكنه من نصح هؤلاء العرافين والدجالين ، فتواصل معهم ، أو أتاهم في أماكنهم ، لينكر عليهم ، ويبين لهم حكم الشرع فيما يفعلون ، لم يكن ذلك إتيانا محرما ؛ بل هو مشروع مأمور به في حق القادر عليه ، إما وجوبا ، وإما استحبابا ، أيا كانت وسيلة التواصل معهم .
والله تعالى أعلم .
تعليق