الجمعة 26 جمادى الآخرة 1446 - 27 ديسمبر 2024
العربية

من علّم علما فعُمل به فله مثل أجر كل من عَلِمه من طريقه وعمل به إلى يوم القيامة .

السؤال

هل نؤجر إن علَّمنا شخصاً الأذكار فعلّمها غيرَه وغيرُه لغيرِه وهكذا ؟ أعلم أن المرء يؤجر لتعليمه الشخص المباشر فماذا عن بقية السلسلة التي تعلمت ممن علّمه ؟

الجواب

الحمد لله.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا ) رواه مسلم ( 2674 ) .
وعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ ) رواه مسلم ( 1893 ) .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا وَلا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ ) رواه مسلم (1017) .

وقال عليه الصلاة والسلام : ( إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثَةٍ : إِلا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ) رواه مسلم (1631) .

فهذه الأحاديث تدل على أن من علم أحدًا علما نافعا ، فله مثل أجور من انتفع بهذا العلم ، وأن ثوابه مستمر غير منقطع على كل من تعلم هذا العلم من طريقه .
ولذلك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم له مثل أجر الأمة كلها .

قال المناوي رحمه الله :
" إن جميع حسناتنا وأعمالنا الصالحة ، وعبادات كل مسلم : مسطرة في صحائف نبينا صلى الله عليه وسلم ، زيادةَ على ما له من الأجر ، ويحصل له من الأجور بعدد أمته أضعافا مضاعفة لا تحصى ، يقصر العقل عن إدراكها ؛ لأن كل مُهْدٍ ودالٍّ وعالمٍ : يحصل له أجر إلى يوم القيامة ، يتجدد لشيخه في الهداية مثل ذلك الأجر ، ولشيخ شيخه مثلاه ، وللشيخ الثالث أربعة ، والرابع ثمانية ، وهكذا تُضَعَّف في كل مرتبة بعدد الأجور الحاصلة قبله إلى أن ينتهي إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم .
إذا فرضت المراتب عشرة بعد النبي صلى الله عليه وسلم كان للنبي صلى الله عليه وسلم من الأجر ألف وأربعة وعشرون ، فإذا اهتدى بالعاشر حادي عشر صار أجر النبي صلى الله عليه وسلم ألفين وثمانية وأربعين ، وهكذا ، كلما زاد واحدا يتضاعف ما كان قبله أبدا إلى يوم القيامة ، وهذا أمر لا يحصره إلا الله ، فكيف إذا أخذ مع كثرة الصحابة والتابعين والمسلمين في كل عصر؟
وكل واحد من الصحابة يحصل له بعدد الأجور التي ترتبت على فعله إلى يوم القيامة ، وكل ما يحصل لجميع الصحابة حاصل بجملته للنبي صلى الله عليه وسلم ، وبه يظهر رجحان السلف على الخلف ، وأنه كلما ازداد الخلف ، ازداد أجر السلف وتضاعف ، ومن تأمل هذا المعنى ورزق التوفيق ، انبعثت همته إلى التعليم ورغب في نشر العلم ، ليتضاعف أجره في الحياة وبعد الممات على الدوام ، ويكف عن إحداث البدع والمظالم من المكوس [الإتاوة] وغيرها ، فإنها تضاعف عليه السيئات بالطريق المذكور ما دام يعمل بها عامل ، فليتأمل المسلم هذا المعنى ، وسعادة الدال على الخير ، وشقاوة الدال على الشر " انتهى من " فيض القدير " (6/170) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" يكتب له صلى الله عليه وسلم أجر كل ما عملته الأمة ، فكل ما عملنا من خير وعمل صالح من فرائض ونوافل ، فإنه يكتب أجره للرسول عليه الصلاة والسلام ؛ لأنه هو الذي علمنا " انتهى من " شرح رياض الصالحين " لابن عثيمين (2/258) .

فإذا علَّمت أحدًا شيئا من الأذكار ، فلك من الأجر مثل أجور كل من تعلموا هذه الأذكار ممن علمتهم أنت إلى يوم القيامة .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب