الحمد لله.
أولا :
" السَّلَامَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَفَرْضٌ مِنْ فُرُوضِهَا ، لَا تَصِحُّ إِلَّا بِهِ . هَذَا مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ " انتهى من "شرح النووي على مسلم" (5/ 83) .
ثانيا :
اختلف العلماء في كيفية السلام من الصلاة :
فذهب الشافعية والمالكية إلى أن المصلي يبتدئ السلام مستقبل القبلة ، ثم يلتفت ، ويتم سلامه بتمام التفاته .
قال النووي رحمه الله :
" .. السُّنَّةُ أَنْ تَكُونَ إحْدَاهُمَا عَنْ يَمِينِهِ ، وَالْأُخْرَى عَنْ يَسَارِهِ .
قَالَ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ وَغَيْرُهُ : يَبْتَدِئُ السَّلَامَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ ، وَيُتِمُّهُ مُلْتَفِتًا ، بِحَيْثُ يَكُونُ تَمَامُ سَلَامِهِ مَعَ آخِرِ الِالْتِفَاتِ ؛ فَفِي التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى : يَلْتَفِتُ حَتَّى يَرَى مَنْ عَنْ يَمِينِهِ خَدَّهُ الْأَيْمَنَ ، وَفِي الثَّانِيَةِ : يَلْتَفِتُ حَتَّى يَرَى مَنْ عَنْ يَسَارِهِ خَدَّهُ الْأَيْسَرَ .
هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ ، وَصَحَّحَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ فِي الْبَسِيطِ وَالْجُمْهُورُ ، وَبِهِ قَطَعَ الْغَزَالِيُّ فِي الْوَسِيطِ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا " انتهى من "شرح المهذب" (3/477) ، ونحوه في : "روضة الطالبين" (1/ 268) .
وانظر : "مغني المحتاج" (1/ 386) ، "حاشية العدوي على كفاية الطالب" (2/ 401) ، "الموسوعة الفقهية" (27/102) .
والمشهور من مذهب الحنابلة : أن ابتداء السلام يكون مع التفاته ، وذهب جماعة منهم إلى أنه يستقبل القبلة حال قوله : " السلام عليكم " ثم يلتفت بالرحمة ، قال المرداوي رحمه الله :
" الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ ابْتِدَاءَ السَّلَامِ يَكُونُ حَالَ الْتِفَاتِه ....
وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ بالسَّلَامُ عَلَيْكُمْ ، وَيَلْتَفِتُ بِالرَّحْمَةِ " .
انتهى من "الإنصاف" (2/ 82-83) ، وانظر : " المغني " (1/398) .
وهذه مسألة فرعية من مسائل
الخلاف السائغ ، والأمر فيها قريب إن شاء الله ، وليس هناك نص واضح على تحتم أي من
الأمرين ، بل قد نص العلماء على أن الواجب هو التسليم ، أما كيفيته فهي سنة من
السنن ، فتصح الصلاة على أي كيفية كان التسليم .
قال النووي رحمه الله :
" وَلَوْ سَلَّمَ التَّسْلِيمَتَيْنِ عَنْ يَمِينِهِ ، أَوْ عَنْ يَسَارِهِ ، أَوْ
تِلْقَاءَ وَجْهِهِ ، أَوِ الْأُولَى عَنْ يَسَارِهِ ، وَالثَّانِيَةَ عَنْ
يَمِينِهِ : صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَحَصَلَتْ تَسْلِيمَتَانِ، وَلَكِنْ فَاتَتْهُ
الْفَضِيلَةُ فِي كَيْفِيَّتِهِمَا " .
انتهى من "شرح النووي على مسلم" (5/ 83) .
والذي اختاره الشيخ محمد بن عثيمين والشيخ صالح الفوزان أن الالتفات يكون مع بداية
التسليم .
فقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
في التسليم في الصلاة بعض أئمة المساجد يقولون: السلام عليكم ثم يلتفت ثم يقول
ورحمة الله ، ويفعل مثل ذلك على الجانب الأيسر، فهل هذا صحيح؟
فأجاب :
" هذا لا أصل له ، يعني أنه يقول : السلام عليكم ووجهه إلى القبلة ثم يقول ورحمة
الله وهو ملتفت ، فهذا لا أصل له ولا وجه له أيضاً، فليس له حظٌ من السنة ، وليس له
حظٌ من النظر، والإنسان من حين أن يقول : السلام عليكم يبدأ بالالتفات حتى تكون كاف
الخطاب حين التفاته تماماً، لأنه يخاطب المأمومين الذين وراءه ، فمن حين أن يقول
السلام ، من حين أن يبدأ بالهمزة يبدأ بالالتفات ، حتى ينتهي إلى قول وبركاته ، ثم
يلتفت أيضاً مباشرة إلى الجانب الأيسر ويقول : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وقد رأيت بعض الأئمة إذا أراد أن يسلم جعل يومئ برأسه السلام عليكم، فيومئ برأسه
مرتين أو ثلاثة، ثم يلتفت، وهذا أيضاً لا أصل له " .
انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (8/ 2) .
وسئل الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
قال أحد الناس : إذا أردت أن تسلم من الصلاة فلا تلتفت إلا بعد النطق بالسلام الذي
هو ركن ، فمن الذي آخذ بكلامه ؟
فأجاب :
" الالتفات يكون مع السلام ، تُسلِّم وتلتفت " انتهى .
http://www.alfawzan.af.org.sa/node/13802
وليس هذا من الالتفات في الصلاة المنهي عنه ، لأنه التفات مشروع قصد به التحلل من
الصلاة والانصراف منها .
وعلم من هذا أن هذه الرسالة والمعلومة التي ذكرها السائل غير صحيحة .
والله أعلم .
تعليق