الحمد لله.
لا يلزم المسلم أن يبوح بذنبه لأحدٍ بل لا يستحب له ذلك ، وعليه أن يستر نفسه ولا يفضحها ، ويجب أن يؤرِّق الذنبُ قلبَ المسلم حتى يدفعه إلى التوبة النصوح ، ولا يكفي أن يعلم المسلمُ أنه يرتكب ذنباً بل عليه أن يراقب الله تعالى حتى لا يفعله ، وإذا أوقعه الشيطان في حبائله فإن عليه أن يندم على ذنبه هذا ، وعليه أن يقلع عنه ، وأن يعزم على عدم العودة له .
بذلك يكون المسلم قد حقق ما أراده الله تعالى منه من التوبة النصوح ، ويجب أن لا ييأس المسلم من رحمة الله تعالى وأن لا يستبعد مغفرة ذنبه وتوفيقه للتوبة ، فإن الشيطان يحرص أن يوقع المسلمَ في المعصية ويحرص بعدها أن يوصد في وجهه أبواب التوبة .
وقد يرجع المسلمُ بعد توبته النصوح أحسن مما كان قبل المعصية ، وتكون التوبة النصوح قد نبهته إلى أشياء كان في غفلةٍ عنها ، فيترك صُحبة السوء التي أعانته على المعاصي ، ويدع السفر إلى بلاد الفسق والمجون التي ارتكب فيها المعصية ، ويمتنع من مشاهدة وسماع ما حرَّم الله تعالى عليه من الغناء والمعازف والأفلام .
ولعله أن يكون في غفلة عن هذا فتوقظه هذه التوبة النصوح التي أمره الله تعالى بها .
والمسلم قد يغفل عن استشعار مراقبة الله قبل المعصية ، ولو أنه استشعر ذلك لما وقع فيها ، فإذا غفل عن هذا فليذكر أثناء ارتكابه المعصية أن الله تعالى يراه ، وأن الملائكة الكرام تراه ، وأن الله عز وجل قد يقدِّر عليه الموت أثناء ارتكابه لهذه المعصية ، فكيف سيلقى ربَّه في الآخرة ؟ .
وإذا استحوذ الشيطان على المسلم قبل المعصية وأثناءها فليعلم بعدها أن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ، وأن الله تعالى يفرح بتوبة عبده مع أنه هو الذي وفقه إليها ويسرها له وهو الغني سبحانه عن توبة هذا العبد .
فعلى المسلم أن يتقي الله ربه وأن يندم على ما حصل منه وأن يعزم أن لا يعود وأن يكثر من الطاعات وأن يغير بيئته وصحبته إلى الأحسن ، ولا يجوز له أن يذكر معصيته لأحدٍ ، وليجعل توبته صادقة مخلصة لله تعالى وحده ، مع الحرص على صلاة الجماعة في المسجد ولزوم حلقات العلم .
نسأل الله تعالى أن يوفقنا لما فيه رضاه وأن ييسر لنا سبل الخير .
والله الهادي .
تعليق