الخميس 20 جمادى الأولى 1446 - 21 نوفمبر 2024
العربية

من حفظ القرآن وخالف حكمه كان أسوأ حالا ممن لا يحفظه ويخالف حكمه .

230646

تاريخ النشر : 27-05-2015

المشاهدات : 37008

السؤال


ماذا لو ارتكب مسلمان نفس الذنب ، الأول حافظ للقرآن والآخر غير حافظ له ، فهل تقع عليهما نفس العقوبة يوم القيامة ؟

الجواب

الحمد لله.


حافظ القرآن ، العالم به : إذا خالف القرآن كان إثمه أعظم من إثم المخالف غير الحافظ العالم ، فإن ذنب العالم أشد من ذنب الجاهل ، وعقوبته أولى ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَالِمٌ لَمْ يَنْفَعْهُ اللَّهُ بِعِلْمِهِ ؛ فَإِذَا عَلِمَ الْإِنْسَانُ الْحَقَّ وَأَبْغَضَهُ ، وَعَادَاهُ : كَانَ مُسْتَحِقًّا مِنْ غَضَبِ اللَّهِ وَعِقَابِهِ : مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ مَنْ لَيْسَ كَذَلِكَ " انتهى من "مجموع الفتاوى" (7/ 586) .
وقال ابن القيم رحمه الله :
" فَهَذَا جَهله كَانَ خيرا لَهُ ، وأخف لعذابه من علمه ، فَمَا زَاده الْعلم إِلَّا وبالا وَعَذَابًا، وَهَذَا لَا مطمع فِي صَلَاحه ، فَإِن التائه عَن الطَّرِيق يُرْجَى لَهُ الْعود إليها ، إِذا أبصرها، فَإِذا عرفهَا وحاد عَنْهَا عمدا ؛ فَمَتَى ترجى هدايته ؟ قَالَ تَعَالَى: ( كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) آل عمران/ 86 " انتهى من"مفتاح دار السعادة" (1/ 115) .
وقد سبق في جواب السؤال رقم : (196054) أن القرآن كما يشفع لأصحابه يوم القيامة ، فهو أيضا يشهد على مخالفيه بهجره وتضييع فرائضه وتعدي حدوده .
وقد ضرب الله مثل السوء للذين يعلمون ولا يعملون ، فقال تعالى : ( مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً ) الجمعة/5 .
قال السعدي رحمه الله :
" ذكر الله أن الذين حمّلهم التوراة من اليهود وكذا النصارى ، وأمرهم أن يتعلموها، ويعملوا بما فيها ، فلم يحملوها ولم يقوموا بما حملوا به ، أنهم لا فضيلة لهم ، وأن مثلهم كمثل الحمار الذي يحمل فوق ظهره أسفارًا من كتب العلم ، فهل يستفيد ذلك الحمار من تلك الكتب التي فوق ظهره ؟ وهل يلحق به فضيلة بسبب ذلك ؟ أم حظه منها حملها فقط ؟ فهذا مثل علماء اليهود الذين لم يعملوا بما في التوراة ، الذي مِن أَجَلِّه وأعظمه : الأمر باتباع محمد صلى الله عليه وسلم ، والبشارة به ، والإيمان بما جاء به من القرآن ، فهل استفاد مَنْ هذا وصفُه من التوراة ، إلا الخيبة والخسران ، وإقامة الحجة عليه؟ فهذا المثل مطابق لأحوالهم " انتهى من "تفسير السعدي" (ص 862) .

فعلى كل مسلم أن يجتهد في حفظ ما استطاع من كتاب الله ، وأن يعمل بمقتضى ما حفظ وعلم ، وألا يخالف هدى الله الذي يهدي به من يشاء من عباده ، وأن يكون ممن قالوا سمعنا وأطعنا ، وألا يكون ممن قالوا : سمعنا وعصينا ، فإن الله قال عن المؤمنين : (وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا) البقرة/ 285 ، وقال عن اليهود : (قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا) البقرة/ 93 .
والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب