الاثنين 24 جمادى الأولى 1446 - 25 نوفمبر 2024
العربية

هل يشرع للمسلم كلما تلا قوله تعالى : ( فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) أن يقول : ( لَا بِشَيْءٍ مِنْ نِعَمِكَ رَبَّنَا نُكَذِّبُ، فَلَكَ الحَمْدُ ) ؟

230662

تاريخ النشر : 14-06-2015

المشاهدات : 106787

السؤال


ما حكم قول ولا بأي من نعمك يا ربنا نكذب ولك الحمد عند قراءة سورة الرحمن عند الآية "" فبأي ء آلاء ربكما تكذبان "" ؟

الجواب

الحمد لله.


روى الترمذي (3291) ، والحاكم (3766) ، والبيهقي في "الشعب" (2264) ، وفي "دلائل النبوة" (2/ 232) ، وأبو الشيخ في "العظمة" (5/ 1666) ، وابن أبي الدنيا في "الشكر" (69) من طريق الوَلِيد بْن مُسْلِمٍ ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: " خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَصْحَابِهِ ، فَقَرَأَ عَلَيْهِمْ سُورَةَ الرَّحْمَنِ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا فَسَكَتُوا ، فَقَالَ : ( لَقَدْ قَرَأْتُهَا عَلَى الجِنِّ لَيْلَةَ الجِنِّ فَكَانُوا أَحْسَنَ مَرْدُودًا مِنْكُمْ ، كُنْتُ كُلَّمَا أَتَيْتُ عَلَى قَوْلِهِ (فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) قَالُوا: لَا بِشَيْءٍ مِنْ نِعَمِكَ رَبَّنَا نُكَذِّبُ ، فَلَكَ الحَمْدُ ) .

وهذا إسناد ضعيف جدا ، رواية أهل الشام عن زهير بن محمد : مناكير ، وهذه منها ؛ فإن الوليد بن مسلم دمشقي .
قال الإمام البخاري: ما روى عنه أهل الشام : فإنه مناكير، وما روى عنه أهل البصرة فإنه صحيح .
وقال الأثرم ، عن أحمد ، في رواية الشاميين عن زهير: يروون عنه مناكير . ثم قال: أما رواية أصحابنا عنه فمستقيمة ، عبد الرحمن بن مهدي وأبي عامر . وأما أحاديث أبي حفص ، ذاك التنيسي ، عنه : فتلك بواطيل موضوعة .
وقال أبو حاتم : " محله الصدق ، وفي حفظه سوء، وكان حديثه بالشام أنكر من حديثه بالعراق ، لسوء حفظه ، فما حدث به من حفظه ففيه أغاليط ، وما حدث من كتبه فهو صالح " .
انظر : "تهذيب التهذيب" (3/ 349-350) .
والوليد بن مسلم كان يدلس تدليس التسوية ، وهو شر أنواع التدليس ، فيخشى أن يكون أسقط رجلا من الإسناد .
انظر : "جامع التحصيل" (ص 111) ، "تقريب التهذيب" (ص 584) .

وله شاهد ، يرويه الطبري في "تفسيره" (22/ 23)، والبزار في "مسنده" (5853)، والخطيب في "تاريخه" (5/ 493)، والمستغفري في "فضائل القرآن" (2/ 626) من طريق يحيى بن سليم الطائفي ، عن إسماعيل بن أمية، عن نافع ، عن ابن عمر به مرفوعا نحوه .
ويحيى بن سليم سيء الحفظ ، وثقه ابن معين وابن سعد والعجلي ، وتكلم فيه غير واحد ، فقال أبو حاتم : شيخ صالح محله الصدق ، ولم يكن بالحافظ ، يكتب حديثه ولا يحتج به.
وقال أحمد بن حنبل أتيته : فكتبت عنه شيئا فرأيته يخلط في الأحاديث فتركته ، وفيه شيء.
وقال النسائي: ليس به بأس وهو منكر الحديث عن عبيد الله بن عمرو. وقال أيضا : ليس بالقوي .
انظر : "تهذيب التهذيب" (11 /198-199) .

وقد اختلف العلماء في الحكم على هذا الحديث ، فمنهم من صححه أو حسنه ، ومنهم من ضعفه .
فصححه الحاكم على شرط الشيخين ، ولم يتعقبه الذهبي . وكذا صححه السيوطي في "الدر المنثور" (7/ 690) ، وحسنه الألباني في "صحيح الترمذي" .
وضعفه الترمذي ، والذهبي في "تاريخ الإسلام" (1/ 201) . وكذا ضعفه الشيخ ابن عثيمين ، كما في "تفسير الحجرات - الحديد" (ص 307) ومقبل بن هادي الوادعي في "أحاديث معلة ظاهرها الصحة" (ص 86) ، والحويني في "النافلة" (2/ 5) .
والأقرب - والله أعلم - أنه حديث ضعيف لا يثبت ؛ فرواية الوليد بن مسلم عن زهير منكرة ، ورواية يحيى بن سليم ضعيفة ، ولا تتقوى الرواية الضعيفة بالمنكرة .

وعلى هذا القول : فلا يشرع للمسلم كلما تلا قوله تعالى : ( فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) أن يقول : ( لَا بِشَيْءٍ مِنْ نِعَمِكَ رَبَّنَا نُكَذِّبُ، فَلَكَ الحَمْدُ ) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب