الحمد لله.
تصوير ذوات الأرواح مما نص الشرع على تحريمه وجاء الوعيد الشديد على فعله ، ومما
ورد في ذلك :
عَن عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، أنها قالت : قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ
الصُّوَرِ يَوْمَ القِيَامَةِ يُعَذَّبُونَ ، فَيُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا
خَلَقْتُمْ ) ، وَقَالَ: ( إِنَّ البَيْتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لاَ تَدْخُلُهُ
المَلاَئِكَةُ ) رواه البخاري (2105) ، ومسلم (2107) .
وعن عَبْدَ اللَّهِ بن مسعود ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ
القِيَامَةِ المُصَوِّرُونَ ) رواه البخاري (5950) ، ومسلم (2109) .
فهذه الأحاديث وغيرها داعية للمسلم الناصح لنفسه : إلى الفرار من هذه الأعمال ،
والتوبة إلى الله تعالى منها .
ومثل هذه المحرمات : قاعدة الشرع فيها أنها لا تباح إلا لضرورة ، أو حاجة ماسة .
والرسوم الكرتونية الهادفة رغم منافعها إلّا أنها من مسائل الخلاف والشبهات ،
وليست من الحاجات الماسة التي يلحق بفواتها حرج ومشقة .
وبناء على هذا فدراستك لصناعة الصور الكرتونية فيه مفسدتان :
المفسدة الأولى :
أنك بهذه الدراسة تعطّل نفسك عن الدراسات المباحة والنافعة بالاتفاق ، وأبواب طلب
الرزق مأمور فيها المسلم بطلب الحلال واتقاء الشبهات ، وثمن المصور في أصله من
المحرمات .
عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ : " عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ اشْتَرَى غُلاَمًا
حَجَّامًا فَقَالَ : ( إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ ثَمَنِ
الدَّمِ ، وَثَمَنِ الْكَلْبِ ، وَكَسْبِ الْبَغِيِّ ، وَلَعَنَ آكِلَ الرِّبَا
وَمُوكِلَهُ ، وَالْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ ، وَالْمُصَوِّرَ) رواه البخاري
( 5962 ) .
المفسدة الثانية :
دراستك لرسم ذوات الأرواح مفسدة محققة ، أما ما تأمله من القيام بأعمال مفيدة بعد
تخرجك فهي مصلحة مظنونة ، فليس كل ما يأمله الإنسان يدركه ، ولا يصح ارتكاب مفسدة
محققة لأجل مصلحة مظنونة .
فالنصيحة لك ، أن تكتفي بتعلم التصاميم الجائزة ، كما نصح ابن عباس رضي الله عنه
أحد المصورين .
عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ ، قَالَ: " جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ،
فَقَالَ: إِنِّي رَجُلٌ أُصَوِّرُ هَذِهِ الصُّوَرَ ، فَأَفْتِنِي فِيهَا ، فَقَالَ
لَهُ : ادْنُ مِنِّي ، فَدَنَا مِنْهُ ، ثُمَّ قَالَ: ادْنُ مِنِّي ، فَدَنَا
حَتَّى وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ ، قَالَ: أُنَبِّئُكَ بِمَا سَمِعْتُ مِنْ
رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( كُلُّ مُصَوِّرٍ فِي النَّارِ ، يَجْعَلُ
لَهُ ، بِكُلِّ صُورَةٍ صَوَّرَهَا ، نَفْسًا فَتُعَذِّبُهُ فِي جَهَنَّمَ ) ،
وقَالَ: إِنْ كُنْتَ لَا بُدَّ فَاعِلًا ، فَاصْنَعِ الشَّجَرَ ، وَمَا لَا نَفْسَ
لَهُ " رواه مسلم (2110) .
وإلا ؛ فابحث لك عن تخصص آخر ، نافع ومفيد ، خال من الشبهات .
والله أعلم .
تعليق