الحمد لله.
المراد من " التلقيح الصناعي " تلقيح بويضة المرأة بنطفة الرجل من غير جماع .
والتلقيح الصناعي قد يكون داخلياً ، أو خارجياً .
ففي التلقيح الداخلي : يتم أخذ النطفة من الرجل لتحقن في الموضع المناسب داخل رحم الزوجة حتى تلتقي النطفة التقاءً طبيعياً بالبويضة ويتم التلقيح بينهما .
ويتم حقن الحيوانات المنوية داخل رحم الزوجة عن طريق قسطرة رفيعة تنقل هذه الحيوانات إلى عنق الرحم .
أما التلقيح الخارجي ( طفل الأنابيب) : فيتم أخذ النطفة من الرجل ، والبويضة من مبيض المرأة وتوضعان في أنبوب اختبار طبي بشروط فيزيائية معينة حتى يتم التلقيح بينهما ، ثم يتم نقلها إلى رحم الزوجة لتعلق في جدار الرحم ، وتتخلق كسائر الأجنة .
وقد سبق بيان حكم التلقيح الصناعي في عدة فتاوى ، ينظر جواب السؤال رقم : (3474).
ولمعرفة تأثير هذه العملية
على الصيام لا بد من بيان عدة أحكام :
1- أخذ النطفة من الرجل عن
طريق الاستمناء : إن كان في نهار رمضان ، فهو من المفطرات في قول جمهور أهل العلم .
ولذلك يجب على الرجل اجتناب ذلك في نهار رمضان.
وينظر جواب السؤال : (222234) .
2- أخذ البويضة من المرأة في
التلقيح الخارجي : لا يعد مفطِّراً ؛ لأن ذلك يتم عادة عن طريق منظار البطن أو
الفرج ، حيث يتم إدخال إبرة دقيقة موصلة بجهاز شفط تدخل ما بين فتحة السرة وأسفل
البطن ويتم سحب السائل المحتوي على البويضة ، أو يتم من خلال استعمال جهاز الموجات
الصوتية .
وكلا الأمرين لا يعد مفسداً للصيام .
3- إدخال مني الرجل إلى فرج
المرأة بواسطة القسطرة ، لا يعد من المفطرات أيضاً ؛ لأن عملية التلقيح هذه ليست
أكلاً ولا شرباً ، لا حقيقةً ولا صورةً ، ولا هي في معنى الأكل والشرب بأي وجه من
الوجوه .
والطب الحديث قد أثبت أن فرج المرأة لا يتصل بالجهاز الهضمي البتة ، ولذلك لا يعد
ما يدخل فرج المرأة مفطراً .
قال البهوتي : " وَإِنَّمَا فَسَدَ صَوْمُهَا بِإِيلَاجِ ذَكَرِ الرَّجُلِ فِيهِ ؛
لِكَوْنِهِ جِمَاعًا لَا وُصُولًا لِبَاطِنٍ ، وَالْجِمَاعُ يُفْسِدُهُ لِأَنَّهُ
مَظِنَّةُ الْإِنْزَالِ فَأُقِيمَ مَقَامَهُ " انتهى من "شرح منتهى الإرادات"
(2/364).
وهو ما اعتمده مجمع الفقه الإسلامي حيث قرر أن ما يدخل المهبل لا يعد من المفطرات ،
وجاء فيه : " الأمور الآتية لا تعتبر من المفطرات :
ما يدخل المهبل من تحاميل (لبوس) ، أو غسول ، أو منظار مهبلي، أو إصبع للفحص الطبي.
إدخال المنظار أو اللولب ونحوهما إلى الرحم .
ما يدخل الإحليل ، أي مجرى البول الظاهر للذكر والأنثى، من قثطرة (أنبوب دقيق) أو
منظار، أو مادة ظليلة على الأشعة ، أو دواء ، أو محلول لغسل المثانة " .
انتهى من "قرارات مجمع الفقه الإسلامي " (ص: 312) .
كما أن إدخال المني بهذه الطريقة لا يعد جماعاً ، ولهذا قال النووي رحمه الله : "
إذا استدخلت منياً في قُبلها أو دبرها : لم يلزمها الغسل " انتهى من "روضة
الطالبين" (1/85) .
وقال النفراوي : " لَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ غُسْلٌ بِدُخُولِ مَنِيٍّ فِي
فَرْجِهَا ، مِنْ غَيْرِ خُرُوجِ مَنِيِّهَا " انتهى من "الفواكه الدواني" (1/117).
وينظر جواب السؤال : (141858) .
وبناء على ذلك : فعملية التلقيح الصناعي ، سواء كان داخليا أم خارجياً ، وعملية زرع
الأجنة في الرحم ؛ لا تفسد صيام المرأة .
إلا أن الأفضل أن تتجنب المرأة فعل ذلك في رمضان ما أمكنها ذلك ، حفظاً لصيامها
وبعداً عن الشبهة.
وينظر جواب السؤال رقم : (49727) .
والله أعلم .
تعليق