الحمد لله.
دلت الأحاديث على فضل الخالة ، وأن لها من المكانة والمنزلة ما يشبه منزلة الأم ؛ ولهذا قُدمت على غيرها في الحضانة ؛ فقد روى البخاري (2699) عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الأُمِّ ) .
قال ابن حجر رحمه الله :
" ( الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ ) أَيْ فِي هَذَا الْحُكْمِ الْخَاصِّ – يعني
: الحضانة - ؛ لِأَنَّهَا تَقْرُبُ مِنْهَا فِي الْحُنُوِّ ، وَالشَّفَقَةِ
وَالِاهْتِدَاءِ إِلَى مَا يُصْلِحُ الْوَلَدَ ؛ لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ ،
فَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْخَالَةَ تَرِثُ لِأَنَّ الْأُمَّ
تَرِثُ ..." انتهى من " فتح الباري " (7/506) .
كما جاء الحث على بر الخالة عند فقدان الأم ، وجعل برها من أسباب تكفير الذنوب ؛
فقد روى الترمذي (314) عن ابن عمر رضي الله عنهما : أن رجلاً أتى النبي صلى الله
عليه وسلم ، فقال يا رسول الله : إِنِّي أَصَبْتُ ذَنْبًا عَظِيمًا ، فَهَلْ لِي
تَوْبَةٌ ؟ قَالَ : ( هَلْ لَكَ مِنْ أُمٍّ ؟ ) ، قَالَ : لَا ، قَالَ : ( هَلْ
لَكَ مِنْ خَالَةٍ ؟ ) ، قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : ( فَبِرَّهَا ) ، وصححه الشيخ
الألباني رحمه الله في " صحيح الترغيب والترهيب " .
وبر الخالة يقصد به صلتها والإحسان إليها وإكرامها ، وليس وجوب طاعتها ، فالبر
الذي هو الإحسان والصلة ، وهو أعم من الطاعة .
والأمر بالطاعة ، وتأكيد ذلك ، والتشديد فيه : لم يرد إلا في حق الوالدين فقط ،
وأما غيرهما من الأقارب ، فلا تجب طاعتهم ، وللفائدة ينظر جواب السؤال رقم :
(40283) ، وجواب السؤال رقم : (225514) .
جاء في " الآداب الشرعية " لابن مفلح رحمه الله (1/437) :
" قَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِي كِتَابِ الْإِجْمَاعِ : اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ بِرَّ
الْوَالِدَيْنِ فَرْضٌ , وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ بِرَّ الْجَدِّ فَرْضٌ , كَذَا
قَالَ , وَمُرَادُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَاجِبٌ . وَنَقْلُ الْإِجْمَاعِ فِي
الْجَدِّ فِيهِ نَظَرٌ , وَلِهَذَا عِنْدَنَا يُجَاهِدُ الْوَلَدُ ، وَلَا
يَسْتَأْذِنُ الْجَدَّ ؛ وَإِنْ سَخِطَ " انتهى .
وبناء على هذا ؛ فلا إثم عليك إن لم تطع خالتك ، مع تأدبك معها .
والله أعلم .
تعليق