الاثنين 24 جمادى الأولى 1446 - 25 نوفمبر 2024
العربية

افتراء الرافضة أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه شرب الخمر!!

السؤال


هل يوجد في كتب أهل السنة والجماعة أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه شرب الخمر حتى بعد إسلامه وهذا موجود في كتبنا ؟ لأن بعض الشيعة الذين أناقشهم ذكروا ذلك ، ولم أعرف كيف أرد عليهم .

الجواب

الحمد لله.


هذه التهمة هي من الكذب والافتراء ، ومن المعلوم لكل مسلم أنه لا يجوز أن يتهم المسلمُ أحداً بذنبٍ من الذنوب إلا بدليلٍ واضح لا لَبْسَ فيه .
وإذا كان اتهام الناس من غير دليل ذنبا عظيما ، فكيف باتهام شخص مثل عمر رضي الله عنه؟!
فالفاروق عمر رضي الله عنه أعلن الحرب على الخمر منذ إسلامه ، فأهمّه خطرها قبل أن تحرّم .
عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، قَالَ : " لَمَّا نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ قَالَ عُمَرُ : اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شِفَاءً ، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ ) ، قَالَ : فَدُعِيَ عُمَرُ فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ ، قَالَ: اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شِفَاءً ، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ الَّتِي فِي النِّسَاءِ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى) فَكَانَ مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ يُنَادِي: أَلَا لَا يَقْرَبَنَّ الصَّلَاةَ سَكْرَانُ ، فَدُعِيَ عُمَرُ فَقُرِئَتْ عَلَيْهِ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ بَيِّنْ لَنَا فِي الْخَمْرِ بَيَانًا شِفَاءً ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ( فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ) قَالَ عُمَرُ : انْتَهَيْنَا " رواه أبو داود (3670) .

ثمّ إنه بعد أن تولّى الخلافة رضي الله عنه اهتم بشأن تحذير الناس من الخمر وبيان حكمها.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : " سَمِعْتُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى مِنْبَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : أَمَّا بَعْدُ ، أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ نَزَلَ تَحْرِيمُ الخَمْرِ ، وَهْيَ مِنْ خَمْسَةٍ مِنْ : العِنَبِ وَالتَّمْرِ وَالعَسَلِ وَالحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ، وَالخَمْرُ مَا خَامَرَ العَقْلَ ) رواه البخاري (4619) ، ومسلم (3032).
كما اهتم بتحديد العقوبة على شرب الخمر ، لمّا لم يجد نصا صريحا عليها ، واستشار كبار الصحابة في ذلك .
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ : " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ ، فَجَلَدَهُ بِجَرِيدَتَيْنِ نَحْوَ أَرْبَعِينَ ، قَالَ : وَفَعَلَهُ أَبُو بَكْرٍ ، فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ اسْتَشَارَ النَّاسَ ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَخَفَّ الْحُدُودِ ؛ ثَمَانِينَ . فَأَمَرَ بِهِ عُمَرُ " رواه مسلم (1706) .
فهل يعقل في طباع البشر أنّ شخصا يهتم بتطهير المجتمع المسلم من الخمر إلى هذه الدرجة ، ويستمر على هذا المنهاج إلى أن يتوفى ، ثمّ يتساهل في شرب الخمر ؟!
وهذه الفرية من الرافضة ليست غريبة عليهم ، وقد وصفهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بأنهم " أكذب طوائف الأمة على الإطلاق " انتهى من " مجموع الفتاوى " (27/125) .
ولا يوجد في كتب السنة والآثار أن عمر رضي الله عنه شرب الخمر ، بل غاية ما ورد فيها أنه رضي الله عنه شرب النبيذ ، وذلك ثابت في قصة موته رضي الله عنه ، حيث سقاه الطبيب نبيذا .
والنبيذ يطلق على الخمر ، ويطلق أيضا على الماء الذي يوضع فيه شيء من التمر أو الزبيب حتى يحلو الماء ثم يشرب قبل أن يتخمر ، فهذا الثاني هو الذي شربه عمر رضي الله عنه ، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يشربه ، وأجمع العلماء على جوازه .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما : " قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَخَلْفَهُ أُسَامَةُ ، فَاسْتَسْقَى ، فَأَتَيْنَاهُ بِإِنَاءٍ مِنْ نَبِيذٍ : فَشَرِبَ ، وَسَقَى فَضْلَهُ أُسَامَةَ ، وَقَالَ : ( أَحْسَنْتُمْ وَأَجْمَلْتُمْ ، كَذَا فَاصْنَعُوا ) " رواه مسلم (1316) .
قال النووي رحمه الله تعالى :
" وهذا النبيذ : ماء مُحلى بزبيب أو غيره ، بحيث يطيب طعمه ، ولا يكون مسكرا ، فأما إذا طال زمنه وصار مسكرا : فهو حرام " انتهى من " شرح صحيح مسلم " ( 9 / 64) .
وقال رحمه الله تعالى :
" وجواز شرب النبيذ : ما دام حلوا لم يتغير ولم يغل ؛ وهذا جائز بإجماع الأمة " .
انتهى من" شرح صحيح مسلم " (13 / 174) .
فالعجب ممن يعرض عن عشرات الأحاديث التي فيها فضل عمر رضي الله عنه وقوة دينه وأنه أفضل الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ، وعلى هذا أجمع الصحابة رضي الله عنهم ، وشهد به علي رضي الله عنه وأعلنه على منبر الكوفة ، ثم يريد القدح فيه بمثل هذا اللفظ المحتمل (النبيذ) ويدع المحكم الواضح الجلي الذي يثبت فضله ، وهذه طريقة الذين في قلوبهم زيغ ، كما قال الله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ) آل عمران/7 .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب