الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

الاقتراض بالربا لاستئجار شقة

السؤال


أنا وأمي وأختي جميعًا دون مأوى ، ونعيش حاليًا في منزل إحدى الصديقات ، وقد طالت مدة جلوسنا عندها و، لا يوجد لدينا مكان نذهب إليه ، فأنا وأختي ندرس التمريض في الجامعة ، حيث تتكفل الحكومة بتغطية تكاليف الدراسة ، ونعمل بنظام الدوام الجزئي ، ولكننا لا نستطيع أن نوفر مبلغا يمكننا من الحصول على شقة ، وأمي مريضة ، ولا تستطيع العمل ، ولا يوجد لدينا من يساعدنا في جمع المبلغ المطلوب لاستئجار شقة ، فهل يجوز لنا الحصول على قرض الطلاب لاستخدامه في تغطية تكاليف المعيشة ، واستئجار شقة ، مع العلم أنّ هذا القرض ربوي؟

الجواب

الحمد لله.


أولا:
نسأل الله تعالى أن يمن عليكم من فضله ، وأن يغنيكم بحلاله ، وأن يقيكم الربا قليله وكثيره.
ثانيا:
الربا كبيرة من كبائر الذنوب ، وفيه من الوعيد الشديد ما لا يخفى ، والأصل تحريم جميع صوره .
وفي " فتاوى اللجنة الدائمة " (13/385) : " ما حكم الإسلام في أخذ قرض من البنوك بالربا لبناء بيت متواضع ؟
الجواب : يحرم أخذ قرض من البنوك وغيرها بربا، سواء كان أخذه القرض للبناء ، أم للاستهلاك ، في طعام أو كسوة أو مصاريف علاج ، أم كان أخذه للتجارة به ، وكسب نمائه ، أم غير ذلك؛ لعموم آيات النهي عن الربا، وعموم الأحاديث الدالة على تحريمه، كما أنه لا يجوز إيداع مال في البنوك ونحوها بالربا " انتهى.

ولا يستثنى من ذلك إلا حالة الاضطرار البينة ، كأن لا يجد الإنسان ما يأكل أو يشرب أو يلبس أو يسكن إلا بالقرض الربوي ، كما سبق في جواب السؤال رقم : (123563)، ورقم : (94823)
والضرورة في السكن تندفع بالاستئجار لا بالتملك.
فاجتهدوا في البحث عن عمل مباح تتمكنون به من توفير هذا المسكن .
فإن لم تجدوا : جاز لكم الاقتراض الربوي لاستئجار مسكن تندفع به حاجتكم ، دون توسع ، فإن الضرورة تقدر بقدرها.
قال العلامة الشنقيطي رحمه الله :
" لَا خِلَافَ بَيْنِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي أَنَّ الضَّرُورَةَ لَهَا أَحْوَالٌ خَاصَّةٌ تَسْتَوْجِبُ أَحْكَامًا غَيْرَ أَحْكَامِ الِاخْتِيَارِ.
فَكُلُّ مُسْلِمٍ أَلْجَأَتْهُ الضَّرُورَةُ إِلَى شَيْءٍ إِلْجَاءً صَحِيحًا حَقِيقِيًّا، فَهُوَ فِي سَعَةٍ مِنْ أَمْرِهِ فِيهِ.
وَقَدِ اسْتَثْنَى اللَّهُ - جَلَّ وَعَلَا - حَالَةَ الِاضْطِرَارِ فِي خَمْسِ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِهِ ، ذَكَرَ فِيهَا الْمُحَرَّمَاتِ الْأَرْبَعَ الَّتِي هِيَ مِنْ أَغْلَظِ الْمُحَرَّمَاتِ تَحْرِيمًا وَهِيَ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى كُلَّمَا ذَكَرَ تَحْرِيمَهَا اسْتَثْنَى مِنْهَا حَالَةَ الضَّرُورَةِ ، فَأَخْرَجَهَا مَنْ حُكْمِ التَّحْرِيمِ.
قَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ: قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [6 145] .
وَقَالَ فِي الْأَنْعَامِ أَيْضًا: وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ [6 119] .
وَقَالَ تَعَالَى فِي النَّحْلِ: إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [16 115] .
وَقَالَ تَعَالَى فِي الْبَقَرَةِ: إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [2 173] .
وَقَالَ تَعَالَى فِي الْمَائِدَةِ: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ إِلَى قَوْلِهِ: فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [5 3] " انتهى من "أضواء البيان" (7/356) .
وينظر : "القواعد النورانية" لشيخ الإسلام (205) ، و"العقود" له أيضا (37) ، "مدارج السالكين" لابن القيم (1/376-377) .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب