الحمد لله.
أولا :
الإقراض والإحسان بالمال من جملة البر الذي يحرص عليه المسلم ، ويعامل به غيره من المسلمين وغيرهم من المسالمين ، كما قال تعالى ( لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ ) الممتحنة/8 ، 9 .
قال الشيخ ابن عثيمين :
" وأما الكافر : فلا بأس من بره ، والإحسان إليه بشرط أن يكون ممن لا يقاتلوننا في ديننا ، ولم يخرجونا من ديارنا ؛ لقوله تعالى : (لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) " انتهى من تفسير سورة البقرة (2/294) .
وقد ذكر الله تعالى من صفات الأبرار أهلِ الجنة : ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ) والأسير لا يكون إلا كافرا .
وينظر في ذلك جواب السؤال (129664) .
ثانيا :
إذا جاء المسلم يوم القيامة وله على كافر حق ، فإن الله يوفيه حقه منه ، فيوم القيامة يوم الجزاء الحق ، ويوم قيام العدل ، قال تعالى : ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ) الأنبياء/47 .
وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن استيفاء الحقوق بين المكلفين يكون بالأخذ من حسنات الظالم ، فإن لم يكن له حسنات ، فيؤخذ من سيئات المظلوم ويثقّل بها عليه ؛ كما صح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ ) . رواه البخاري (2269) .
وبما أن الكافر لا حسنات له ، فإنه يؤخذ من سيئات المظلوم ، بقدر مظلمته ، وتجعل على الظالم ، ثم يكب في النار ، والعياذ بالله .
وضياع مال المسلم عليه في الدنيا هو من جملة المصائب التي تكفر خطاياه ، ولو صبر على ذلك لكان له أجرا عظيما .
والله أعلم .
تعليق