الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024
العربية

حكم إقراض الكافر والإحسان إليه

السؤال

أقرضت كافراً مبلغاً من المال والآن يرفض السداد ويختلق الأعذار ويتظاهر بعدم القدرة على الدفع رغم أني أعلم أنه اشترى بيتاً في الآونة الأخيرة، وأصبحت من كثرة المماطلة أشعر بأنه سرق مني المال ولم يقترضه. فماذا لو لم أحصل على مالي هل سيأجرني الله ويعوضني عنه في الآخرة أم لا لأن الرجل كافر؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :
الإقراض والإحسان بالمال من جملة البر الذي يحرص عليه المسلم ، ويعامل به غيره من المسلمين وغيرهم من المسالمين ، كما قال تعالى ( لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ ) الممتحنة/8 ، 9 .
قال الشيخ ابن عثيمين :
" وأما الكافر : فلا بأس من بره ، والإحسان إليه بشرط أن يكون ممن لا يقاتلوننا في ديننا ، ولم يخرجونا من ديارنا ؛ لقوله تعالى : (لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) " انتهى من تفسير سورة البقرة (2/294) .
وقد ذكر الله تعالى من صفات الأبرار أهلِ الجنة : ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ) والأسير لا يكون إلا كافرا .
وينظر في ذلك جواب السؤال (129664) .

 

ثانيا :
إذا جاء المسلم يوم القيامة وله على كافر حق ، فإن الله يوفيه حقه منه ، فيوم القيامة يوم الجزاء الحق ، ويوم قيام العدل ، قال تعالى : ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ) الأنبياء/47 .

وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أن استيفاء الحقوق بين المكلفين يكون بالأخذ من حسنات الظالم ، فإن لم يكن له حسنات ، فيؤخذ من سيئات المظلوم ويثقّل بها عليه ؛ كما صح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ ) . رواه البخاري (2269) .

وبما أن الكافر لا حسنات له ، فإنه يؤخذ من سيئات المظلوم ، بقدر مظلمته ، وتجعل على الظالم ، ثم يكب في النار ، والعياذ بالله .
وضياع مال المسلم عليه في الدنيا هو من جملة المصائب التي تكفر خطاياه ، ولو صبر على ذلك لكان له أجرا عظيما .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب