الحمد لله.
لا يجوز للمراقب على حسابات مشروعٍ ما ، أن يتولى القيام بحسابات المشروع بنفسه ، ولو كان يقوم بها خارج ساعات الدوام ؛ لسببين :
الأول :
من غير المقبول أن يكون هناك علاقة مالية بين المراقب والمقاول ، ولو كانت هذه العلاقة متعلقة بعمل خارج نطاق المشروع ، لأن هذه العلاقة من شأنها أن تفسد سلطة المراقب ، وقيامه بمهمته ، وتجعله يراعي رضا المقاول ومودته ، فيميل معه ، ويحابيه في العمل على حساب الحق ، إذ كيف يراقب على مقاول ، في حين أنه يستفيد منه ماديا ؟! .
فكيف إذا كان سيتولى بنفسه القيام بالأعمال التي يجب أن تخضع لرقابته ؟!
لا شك أن احتمال الإخلال بالأمانة في هذه الحال أشد ، وقد جاءت الشريعة بتوقي الشبهات ، وسد الذرائع ، وأبواب الفساد والفتن ؛ ومن وقع في الشبهة ، وقع في الحرام .
الثاني :
بم يستحل الموظفُ الراتبَ الذي يأخذه على رقابة حسابات مشروع لم يخضع للرقابة في الواقع ؟!
ولا يصح له أن يقول : قد راقبت نفسي وأعدت النظر في الحسابات ، كرات ومرات ؛ لأن عين الرقيب على عمل غيره ، أبصر بمواقع الخلل من مراقبة الرجل على نفسه ، ولأجل هذا جعل المراقبون ، بل إن بعض الحاذقين في أعمالهم ، لا يطمئن إلا إذا راقب عمله وراجعه غيره ، ولو كان دونه في الحذق والمهارة ، وهذا أمر معلوم .
فاحرص ، يا عبد الله ، على طيب المكسب ، فإن كل إنسان سوف يُسأل يوم القيامة عن ماله: من أين اكتسبه ؟ وفيم أنفقه ؟
والله أعلم .
تعليق