السبت 27 جمادى الآخرة 1446 - 28 ديسمبر 2024
العربية

حكم التبرع بالأعضاء بعد الموت مع رفض الوالدين

242709

تاريخ النشر : 23-04-2016

المشاهدات : 32437

السؤال


قمت بالتوقيع على وثيقة للتبرع بالأعضاء بعد الوفاة في بلدي دون علم والدي ودون موافقتهم ، وبعد معرفتهم لم يوافقوا .

ويوجد لدي أسئلة :

هل علي وزر في حال تم نقل أحد أعضائي التي أوصيت بالتبرع بها لإنسان كافر ؟ مع العلم أني لا أعلم بعد وفاتي إلى من سيتم نقل الأعضاء إليه ؟

والسؤال الثاني :

هل أتنازل عن وثيقة التبرع بالأعضاء لأجل كسب رضى والدي رغم المنفعة والأجر الكبير المترتب على التبرع بعد الوفاة ؟

وآخر سؤال :

وهل يلحقني إثم إذا كان من سيقوم بتشريح جثتي بعد الوفاة لأخذ الأعضاء التي تبرعت بها رجل ؟

ملخص الجواب

والحاصل : أنه إذا منع أبواك ، أو أحدهما من هذا التبرع : وجبت طاعته، ولا حرج عليك في الرجوع عن التبرع في كل حال . والله أعلم.

الجواب

الحمد لله.


أولا:
يجوز التبرع بالأعضاء بعد الموت ، إذا كانت الأعضاء مما لا تأثير لها على الأنساب والمورثات ، والشخصية العامة ، كالخصية والمبيض ، وخلايا الجهاز العصبي ، كما نص على ذلك قرار مجمع الفقه الإسلامي بهذا الخصوص ، وينظر نصه كاملا في جواب السؤال رقم : (107690) .
ثانيا:
يشترط لذلك أن يكون المتبرع أهلاً للتبرع ، بأن يكون بالغا عاقلا رشيدا، فإن اختل شرط من ذلك لم يصح تبرعه ولا وصيته.
ففي " الموسوعة الفقهية " (42/122): " اشترط الفقهاء في الواهب أن يكون من أهل التبرع وذلك بأن يكون عاقلا بالغا رشيدا ".
وفيها (34/234): " ويشترط في الموصي ما يأتي:
أولا: أن يكون أهلا للتبرع ".
ثالثا:
إذا منع الوالدان أو أحدهما من التبرع ، وجبت طاعته ، لأن التبرع بالأعضاء جائز ، أو مستحب ، وطاعتهما واجبة .
وفي " الآداب الشرعية " لابن مفلح (1/448): " وقال [أي الإمام أحمد] في رواية المروذي: إن كان الرجل يخاف على نفسه ، ووالداه يمنعانه من التزوج : فليس لهم ذلك.
وقال له رجل : لي جارية ، وأمي تسألني أن أبيعها.
قال: تتخوف أن تتبعها نفسك؟
قال: نعم .
قال: لا تبعها.
قال: إنها تقول لا أرضى عنك أو تبيعها.
قال: إن خفت على نفسك ، فليس لها ذلك.
قال الشيخ تقي الدين: لأنه إذا خاف على نفسه : يبقى إمساكها واجبا، أو لأن عليه في ذلك ضررا. ومفهوم كلامه : أنه إذا لم يخف على نفسه : يطيعها في ترك التزوج ، وفي بيع الأمة؛ لأن الفعل حينئذ لا ضرر عليه فيه لا دينا ولا دنيا " انتهى.
وحاصل ذلك : أن طاعة الوالدين لازمة ، إلا في ترك واجب ، ومثله فعل محرم ، أو فيما فيه ضرر على الولد ، في دينه أو دنياه .
وتتأكد طاعتهما في ذلك لوجود القول بتحريم التبرع بالأعضاء، وهو قول معتبر، ذهب إليه جماعة من أهل العلم ، وينظر: " أحكام الجراحة الطبية " للدكتور محمد بن محمد المختار الشنقيطي، (ص 354).
رابعا:
تجوز الهبة والوصية للكافر ما لم يكن حربيا.
وينظر: السؤال رقم: (171344) .
خامسا:
عورة المرأة ـ حية أو ميتة ـ بالنسبة للرجل: جميع بدنها ، بما في ذلك الوجه والكفان على الراجح، ويجوز كشف العورة للضرورة ، وللحاجة، كالتداوي .
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (127274) .

والقائلون بجواز التبرع بالأعضاء من المعاصرين : لم يقيدوه بعدم كشف العورة ، بل صرح بعضهم بجواز الكشف.
قال الدكتور محمد نعيم ياسين: " وأما مفسدة كشف عورة المرأة المتبرعة ، فتحديد مرتبتها أيسر من سابقتها، وذلك أن كلمة العلماء متفقة على أن ستر العورة يقع في رتبة التحسينيات ، ومفسدة كشفها أقل في رتبتها من مفاسد كثير من الأمراض العادية ، فضلاً عن الأمراض المستعصية ؟ حتى أذن الشارع بتحملها للعلاج، ولأعذار أخرى " انتهى من بحثه: " حقيقة الجنين وحكم الانتفاع به في زراعة الأعضاء والتجارب العلمية " منشور بمجلة مجمع الفقه الإسلامي.
سادسا:
يجوز الرجوع في وثيقة التبرع ؛ لأنه من باب الرجوع في الوصية ، وذلك جائز قبل الموت .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " قوله: ويجوز الرجوع في الوصية أي: يجوز للموصي أن يرجع في وصيته ؛ وذلك لأنها تبرع معلق بالموت ، ولم يحصل الموت فله أن يرجع.
مثاله: أوصى رجل بهذا البيت ليسكنه الفقراء، فهو أوصى به لله ـ تعالى ـ صدقة ، ثم بعد ذلك رجع، وقال: فسخت وصيتي، فإنه يصح " انتهى من " الشرح الممتع " (11/150).

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب