الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

آخر ما يُقال قبل النوم

246202

تاريخ النشر : 07-11-2016

المشاهدات : 78265

السؤال


بخصوص ما يُقال قبل النوم، كيف نجمع بين الحديثين التاليين: عن نَوفلٍ بن فروة الأشجعي، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال لنوفل: ( اقرأْ ( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ )، ثُمَّ نَم عَلَى خاتِمَتِها؛ فإنها براءةٌ من الشركِ ) صحيح ، "صحيح أبي داود" (5055) عن البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فتوضأْ وضوءَك للصلاةِ ، ثم اضطجِعْ على شِقِّكِ الأيمنِ ، وقل : اللهم أسلمتُ وجهي إليك ، وفوضتُ أمري إليك ، وألجأتُ ظهري إليك ، رهبةً ورغبةً إليك ، لا ملجأَ ولا منجى منك إلا إليك ، آمنتُ بكتابِك الذي أَنْزَلْتَ ، وبنبيِّك الذي أَرْسَلْتَ ) ، قال: ( فإن مُتَّ مُتَّ على الفطرةِ، ، واجعلْهن آخرَ ما تقولُ ) "صحيح أبي داود"، (5046)، صحيح ؟

الجواب

الحمد لله.


أولا :
حديث البراء بن عازب متفق على صحته ، رواه البخاري (224) ، ومسلم (2710) .
أما حديث نوفل الأشجعي رضي الله عنه ، فقد رواه أبو داود (5055) ، والترمذي (3403) ، من طريق: أبي إسحاق عن فروة بن نوفل عن أبيه رضي الله عنه .
واختلف علماء الحديث في الحكم عليه ، فمنهم من ضعفه كابن عبد البر في "الاستيعاب" ( 3/ 538) قال : " حديث مختلف فيه مُضطرب الإسناد ولا يثبت " انتهى .
وقال الترمذي : " قد اضطرب أصحاب أبي إسحاق في هذا الحديث " انتهى .
ومن العلماء من حسّنه كابن حجر في " نتائج الأفكار " (3/61) ، والألباني في " صحيح أبي داود " .
ولخص الخلاف فيه الشيخ عبد المحسن العباد – حفظه الله – فقال :
" وحديث نوفل هذا ضعفه الشيخ مقبل رحمه الله ، وتكلم فيه الترمذي وقال: إنه لا يثبت، وتكلم فيه ابن عبد البر وقال: إنه لا يثبت .
ولكن جاءت روايات كثيرة ، وأغلبها يدور على أبي إسحاق السبيعي، وقد روى بالعنعنة وهو مدلس .
ولكن حسنه الحافظ ابن حجر، وصححه الألباني، وذكره ابن كثير عند تفسير هذه السورة، ذكر أرجح الطرق له، وذكر طريقاً آخر ليس من طريق أبي إسحاق، ولكن بيض لاسم الصحابي، وبعض العلماء حسنه من أجل وروده من طرق أخرى غير طريق أبي إسحاق السبيعي " انتهى من " شرح سنن أبي داود " (574/10) بترقيم الشاملة آليا .

ثانيا :
لا تعارض بين الحديثين ، حتى على القول بتحسين حديث نوفل أو تصحيحه ؛ لأن الألفاظ الدالة على الآخرية والأولية والأفضلية ونحوها ، كثيرا ما ترد في لغة العرب على غير بابها ، فلا يراد بها الآخرية المطلقة ، وإنما الغرض أن تكون هذه الأذكار من آخر ما يقال ، كما يقال فلان أعقل الناس ، والمراد " من أعقلهم " ونحو ذلك .
فمن ختم أذكار نومه بسورة الكافرون ثم قال " اللهم أسلمت ... " أو عكَس ، فقد حقق الآخرية ، وامتثل الأمرين جميعا ، ولا يضره بأيهما خَتَم ، إن شاء الله .
ولذلك نجد العلماء الذين جمعوا أذكار اليوم والليلة كابن السني والنووي وعبد الرزاق البدر في " فقه الأدعية والأذكار " وغيرهم ، نجدهم يوردون الحديثين كليهما في أذكار النوم ، ولا يرون في إثباتهما جمعا بين متعارضين أو مختلفين .
ومما يؤيد ما ذكرنا : أنه يشرع لمن فرغ من أذكار النوم - خاتما بما شرع تأخيره - أن لا يبقى ساكتا إلى أن يغيب في نومه ، بل يستمر في الذكر والتهليل والتسبيح إلى أن ينام ، ولا يعد بهذا تاركا للسنة الواردة ؛ ولو كانت الآخرية في الحديث ، هي الآخرية المطلقة ، لكان فاعل ذلك تاركا للسنة ، وهذا –والله أعلم- غير مراد .
قال ابن حجر عن قول النبي صلى الله عليه وسلم ( واجعلهن آخر ما تقول ) :
" في رواية الكشميهني : " من آخر " وهي تبين أنه لا يمتنع أن يقول بعدهن شيئا مما شرع من الذكر عند النوم " انتهى من " فتح الباري " (1/358) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب