الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

حديث : ( أمحها يا علي ) ، والتعليق عليه .

249839

تاريخ النشر : 22-11-2016

المشاهدات : 71672

السؤال


ما مدى صحة هذا الحديث (امحها ياعلي) في صلح الحديبية ؟ والذي كان بين كفار قريش وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ حتى يحج المسلمون البيت الحرام ، اختار المشركون سفيراً لهم ، وهو : سهيل بن عمرو لعقد الصلح ، وبعد الاتفاق على قواعد الصلح ، قال صلى الله عليه وسلم : ( هات اكتب بيننا وبينك كتاباً ) فدعا الكاتب ، وهو علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقال : تكتب بعد باسمك اللهم : هذا ماقاضى عليه محمد رسول الله وسهيل بن عمرو ، فاعترض سهيل بن عمرو وقال : والله لو نعلم أنك رسول الله ماصددناك عن البيت ، ولكن اكتب محمد بن عبد الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسيدنا علي : إمحها يا علي ، واكتب محمد بن عبد الله ، فقال علي رضي الله عنه : والله لا أمحها أبداً يارسول الله ، فقال صلى الله عليه وسلم : هاتها يا علي ، فمحاها بيده عليه الصلاة والسلام ؛ لأنه يعلم تماماً أن علي لن يمحو كلمة رسول الله .

الجواب

الحمد لله.


الحديث صحيح ثابت في الصحيحين ، رواه البخاري (3184) ، ومسلم (4731) .
ولعل ما راب السائلة منه امتناع علي بن أبي طالب رضي الله عنه من امتثال أمر النبي صلى الله عليه وسلم .
وليس في ذلك ما يريب ؛ لأن من الأوامر والنواهي ما يكون للإلزام ، فيكون عدم امتثاله عصيانا مذموما ، ومنها ما لا يكون للإلزام ، ويفهم المخاطب ذلك فلا يمتثله إكراما وتوقيرا للآمر والناهي ، فلا يكون ذلك عصيانا ولا مذموما .

ومن ذلك ما كان من أبي بكر رضي الله عنه حين قدم النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي بالناس ، فتخلص حتى وقف في الصف ، فلما علم به أبو بكر تراجع ، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يثبت إماما ، فأبى وأصرّ على التأخر ، فتقدم النبي صلى الله عليه وسلم ، ولما سأله بعد الصلاة : ( ما منعك أن تثبت إذ أمرتك ؟ ) فقال : " ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم " .

ومن ذلك ما يكون من الأبناء البررة من الامتناع عن الجلوس في صدر المجلس إذ يأمرهم به أبوهم ، ويرونه هو الأحق بذلك ، ويعد فعلهم هذا برا يحمدون عليه ، ولا يدخل في شيء من العصيان ولا يقرب منه .

ولذلك قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه كما في بعض الروايات الأخرى في البخاري (2699) وغيره : " والله لا أمحوك أبدا " ، فقد كان امتناعه لاستعظامه محو صفة الرسالة ، عن رسول الله الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ، في كتابته .
ولذلك قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في شرحه للحديث في "فتح الباري" :
"وكأن عليا فهم أن أمره له بذلك ليس متحتما ، فلذلك امتنع من امتثاله" انتهى .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب