الأحد 23 جمادى الأولى 1446 - 24 نوفمبر 2024
العربية

أسلمت وكانت عرابة لابنة عمها الكاثوليكية

255057

تاريخ النشر : 02-04-2017

المشاهدات : 10335

السؤال


أود أن أسأل عن قول الإسلام في النصارى الذين اعتنقوا الإسلام ، ولكنهم قبلوا في السابق أن يكونوا عرابين ، قبل سنوات اعتنقت الإسلام، وأصبحت عرّابة لابنة ابن عمي ، لسنا على اتصال من حينها؛ لأنني انتقلت إلى مكان بعيد ، ولكن في كل عام أو عامين تُرسِل لي الفتاة الصغيرة بطاقة تهنئة بعيد ميلادي ، وأزعم أن جدتها تأمرها بذلك ، ولأننا نعيش بعيدًا عن بعضنا فلا نتزاور على الإطلاق ، ولكن في بعض الأحيان أرسل إليها هدايا من خلال أمي. لا أعلم ما إذا كان هذا حرامًا أم لا، ولكن زوجي أخبرني بأن عليّ أن أنسى كل شيء يتعلق بهذا الأمر؛ لأنني أصبحت مسلمةً الآن ، أنا فقط لا أعرف كيف أشرح لها أو لعائلتها هذا الأمر؛ فهي تبلغ من العمر 11 عامًا فقط ، وهل يجب عليّ حقًا تجاهلهم ، والمضي قدمًا أم يمكنني الاستمرار في التحدث إليهم ؟ ليس من السهل التحدث عن الإسلام، عند العودة إلى المنزل، وأجد صعوبات في جعل عائلتي تتفهم لم أفعل أو لا أفعل أشياءً معينة، أو عدم التحدث إلى أقرباء آخرين.

الجواب

الحمد لله.


تواصل المسلم مع غير المسلمين – سواء كانوا صغارا أم كبارا، أقارب أم أباعد – هو من أعمال الخير التي يؤجر عليها، إذا احتسبها عند الله ، وقصد بها إظهار محاسن الأخلاق ومكارم الأعمال التي يأمر بها الإسلام ، فهو دين السلام وحسن الجوار وصلة الأرحام والإحسان إلى الخلق أجمعين، حتى الحيوان ، قال فيه عليه الصلاة والسلام: (فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ) رواه البخاري (2466) ، ومسلم (2244) .
جاء في "مجموع الفتاوى" لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (28/ 601-615)
"من أحمد ابن تيمية إلى سرجوان عظيم أهل ملته ، ومَن تَحوط به عنايته من رؤساء الدين ، وعظماء القسيسين، والرهبان، والأمراء، والكُتَّاب، وأتباعهم :
سلام على من اتبع الهدى.
أما ؛ بعد فإنا نحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، إله إبراهيم وآل عمران. ونسأله أن يصلي على عباده المصطفين، وأنبيائه المرسلين. ويخص بصلاته وسلامه أولي العزم الذين هم سادة الخلق، وقادة الأمم. الذين خُصُّوا بأخذ الميثاق، وهم: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد ...[إلى أن قال]:
نحن قوم نحب الخير لكل أحد ، ونحب أن يجمع الله لكم خير الدنيا والآخرة؛ فإن أعظم ما عبد الله به نصيحة خلقه، وبذلك بعث الله الأنبياء والمرسلين، ولا نصيحة أعظم من النصيحة فيما بين العبد وبين ربه؛ فإنه لا بد للعبد من لقاء الله، ولا بد أن الله يحاسب عبده كما قال تعالى: ( فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين )" انتهى.
فالمسلم يحب الخير لكل الناس، مسلمهم وكافرهم، ويرجو فيما يرجوه من الخير لهم جميعا الهداية لأحسن الأقوال والأعمال والأديان، ويحتسب أجره عند الله في إحسانه التعامل معهم ، واللقاء بهم، والله سبحانه وتعالى يكتب له الأجر والمثوبة ، ويجزيه بالإحسان إحسانا.
وفي موقعنا مجموعة من الإجابات المهمة التي توضح هذا الحكم الشرعي في استحباب البر والإقساط مع غير المسلمين ، يمكنكم مراجعتها في الأرقام الآتية: (85108)، (131777)، (161052)، (129664) .
والعرابة التي ذكرتها في سؤالك مصطلح ديني مسيحي تاريخي، يعني فيه وصف "العرّاب" (بالإنجليزية: godparent) ذلك الشخص الذي يتولى التربية المسيحية للطفل ، بإشراف وتعيين من الكنيسة ، فيصبح الولد ابنا له أو بنتا له بالمعمودية كما يسمونه .
وكانت هذه العلاقة المعمودية مؤثرة في قضايا الزواج ونحوها في بعض الكنائس ، وبعض المراحل التاريخية.
ولكن مفهوم "العراب" اليوم فقد – تقريبا – أبعاده الدينية، وصار رديفا لوصف "المربي"، بعيدا عن الاشتغالات المسيحية والكنسية، وإنما هو الذي يتولى تأديب الطفل أخلاقيا وسلوكيا ونفسيا. ينظر الرابط التالي:
https://goo.gl/prgxXb
ولهذا فلا حرج عليك في استمرار التواصل تحت هذا التوصيف "العراب"، بناء على الأصل الكبير الذي جاءت به الشريعة الإسلامية، الذي هو الإحسان إلى الخلق أجمعين .
مع أننا نرى أنه لا بد أن تكون هذه الفتاة ، وأسرتها ، على علم بأنك قد تحولت عن دين المسيحية ، إلى دين الإسلام ، وهذا ، على وجه الإجمال ، كاف في هذا المقام ، إن شاء الله ، وهذا أيضا كفيل بضبط حدود العلاقة بين الطرفين ، وتحويلها من الصيغة القديمة الممنوعة ، إلى الصيغة المباحة في الشرع ، ثم تكون هي وأسرتها على بينة من أمر التواصل بينكما .
ولكن إذا رأيت أن هذه العلاقة التربوية "العرابة المعمودية" أخذت تنحو إلى المناحي الدينية المسيحية، وتترتب عليها بعض الالتزامات الكنسية، فالواجب عليك اجتناب هذه الجوانب الخاصة بالمسيحية، والاقتصار على التواصل المباح تحت كليات الأخلاق والفضائل.
والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الاسلام سؤال وجواب