الحمد لله.
لا يظهر لنا مشروعية هذه الطريقة لاشتمالها على جملة من المفاسد منها:
1-التباهي بالعمل والافتخار به، وتحدي الآخرين لأجله. والأصل إخفاء العمل الصالح، والحذر من العُجب.
قال البخاري رحمه الله في صحيحه: " بَاب صَدَقَةِ السِّرِّ، وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا صَنَعَتْ يَمِينُهُ) وَقَوْلِهِ: (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) الآية " انتهى.
وفي الحديث: (صدقة السر تطفئ غضب الرب) رواه البيهقي في شعب الإيمان وصححه الألباني في صحيح الجامع (1453).
2-الخوف على فاعل ذلك من حبوط عمله إذا داخله الرياء أو السمعة.
روى مسلم (2986) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللهُ بِهِ، وَمَنْ رَاءَى رَاءَى اللهُ بِهِ
قال النووي رحمه الله: " قال العلماء: معناه من رايا بعمله وسمعه الناس ليكرموه ويعظموه ويعتقدوا خيره ، سمّع الله به يوم القيامة الناس وفضحه... وقيل معناه من أراد بعمله الناس أسمعه الله الناس وكان ذلك حظه منه" انتهى من شرح مسلم (18/ 116).
وقال أبو بكر ابن العربي رحمه الله في تفسير قوله تعالى: (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) الأعراف/ 55 : "الأصل في الأعمال الفرضية : الجهر، والأصل في الأعمال النفلية : السر؛ وذلك لما يتطرق إلى النفل من الرياء ، والتظاهر بها في الدنيا، والتفاخر على الأصحاب بالأعمال، وجبلت قلوب الخلق بالميل إلى أهل الطاعة، وقد جعل الباري سبحانه في العبادات ذكرا جهرا ، وذكرا سرا، بحكمة بالغة أنشأها بها ، ورتبها عليها؛ وذلك لما عليه قلوب الخلق من الاختلاف بين الحالين" انتهى من أحكام القرآن (2/ 314).
3-أن هذا الصنيع قد يدعو للتصدق وإخراج المال حياء وحرجا لا عن طيب نفس، فهو وسيلة لإخراج المال من صاحبه بغير حق.
وإذا كان الشرع قد نهى عن النذر ، لما أنه يستخرج الطاعة من البخيل بها ، ولولا النذر ما جادت نفسه بها ، فلا شك أن هذا أولى بالنهي ، ففيه هذه المفسدة ، وزيادة .
4-أنه قد يدعو للإعجاب بما لا يستحق، رغبة في التحدي وزيادة ما سيدفعه صاحب المشاركة.
" وقد عرضنا هذا السؤال على شيخنا عبد الرحمن البراك ـ حفظه الله تعالى ـ فأفاد بأن:
" " ما يسمى بـ ( تحدي الخير) عمل غير صالح ؛ لأنه عمل لغير الله .
وأما التنافس المذكور في قوله تعالى : ( وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ) والوارد في بعض نصوص السنة وآثار الصحابة كقصة أبي بكر في التصدق مع منافسة عمر له : فإنه ليس على النحو المذكور في السؤال ، وإنما هو تنافس على الخير دون تحدٍّ ولا تواطء مُسبق .
فالتنافس يكون بغير تحدي ولا تواطء، بل ينافس السابقين من العبَّاد والصالحين وهم لا يعلمونه ولا يدرون عنه"". انتهى
فالحاصل أن هذه الطريقة غير مشروعة لما فيها من المفاسد.
والله أعلم.
تعليق