الحمد لله.
ألزم الله تعالى الرجل إذا أراد أن يتزوج بأكثر من واحدة بأشياء قبل إقدامه على الزواج الثاني ، ومنها القدرة على العدل في النفقة والمبيت والسكن ، فإن علِم من نفسه عدم القدرة أو غلب على ظنه ذلك : فلا يحل له أن يتزوج أكثر من واحدة .
قال الله تعالى : وَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلا تَعُولُوا النساء / 3 . قال مجاهد : لا تتعمدوا الإساءة ، بل الزموا التسوية في القسم والنفقة ، لأن هذا مما يستطاع .
" تفسير القرطبي" ( 5 / 407 ) .
قال شيخ الإسلام رحمه الله : وأما العدل في النفقة والكسوة فهو السنَّة أيضاً اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم فإنه كان يعدل بين أزواجه في النفقة كما كان يعدل في القسمة …
" مجموع الفتاوى " ( 32 / 269 ) .
وقال ابن القيم رحمه الله : وكان يقسم صلى الله عليه وسلم بينهن في المبيت والإيواء والنفقة…. ولا تجب التسوية في ذلك - أي الحب والجماع - لأنه مما لا يملك .
" زاد المعاد " ( 1 / 151 ) .
قال الحافظ ابن حجر : فإذا وفّى لكلِّ واحدةٍ منهنَّ كسوتها ونفقتها والإيواء إليها : لم يضرَّه ما زاد على ذلك من ميل قلب أو تبرع بتحفة ( أي هدية ) ...
" الفتح " ( 9 / 391 ) .
فهذا هو الذي أوجب الله تعالى على من أراد أن يتزوج أكثر من واحدة ، فإن كان الرجل قادراً على ذلك فلا حرج من قبول الزواج به ، وإلا فلا ننصح بذلك ، بل لا يجوز له – أصلاً – أن يُقدِم هو على الزواج .
وأما قولك : ( أنه غير قادر على إعالة زوجتين ) فإن كان الرجل صاحب دين وخلق وترين من نفسك الصبر على ضيق العيش وتحمل ذلك فلا حرج عليك من قبول الزواج به ، وقد وعد الله تعالى الرجل الفقير الذي يريد الزواج بالغنى فقال تعالى : ( إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله ) النور / 32 ، حتى كان بعض السلف يتزوج طلباً للرزق عملاً بهذه الآية الكريمة ، وإذا كنت ترين من نفسك عدم الصبر على ضيق العيش فلا حرج عليك من رفض الزواج به ، وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم على فاطمة بنت قيس لما خطبها معاوية رضي الله عنه بألا تتزوجه فقال : ( إنه صعلوك لا مال له ) رواه مسلم ( 1480 ) .
ونرجو أن لا تكون بينكما علاقة غير مشروعة سواء الآن أو بعد رفضكِ الزواج منه ، ولو كان له فضل عليكِ في الدلالة على الخير والعلم فإن هذا ليس مسوِّغاً للقاء والمراسلة والمحادثة الخاصة وما يشبه ذلك .
والله أعلم .
تعليق