الجمعة 17 شوّال 1445 - 26 ابريل 2024
العربية

تنازل عن شهر من متسحقاته مقابل إنهاء الأمر في أسبوع فلم يتحقق ذلك فهل له الرجوع في الإبراء؟

261257

تاريخ النشر : 22-10-2017

المشاهدات : 5315

السؤال

كنت أعمل لدى شركة ، وهذه الشركة مرت عليها ظروف مالية ، وأصبحت تؤخر الرواتب ، وتدفع نصف الراتب أحيانا لفترة 6 أشهر ، فقدمت استقالتي ، فقالو : إن الاستقالة مخالفة لعقد العمل ، ويخصم شهرين من مستحقاتك ، أو تنتظر شهرين مدة الإنذار ، مع العلم أنه حسب قانون العمل المادة 81 ، إذا لم يلتزم صاحب العمل ببنود العقد فإن العقد يفسخ دون الرجوع لصاحب العمل أو انذار ، مع الاحتفاظ بكامل الحقوق للعامل ، فقلت : انتظر شهرين الإنذار ، ثم جاء نائب المدير ، فقال لي : تنازل عن شهر من مستحقاتك ، وأنا أعدك ، وأتكفل أنه خلال أسبوع فقط تكون قد نقلت كفالتك ، وتحصل على جميع أموالك ، وكنت وقتها بحاجة إلى المال فوافقت على ذلك ؛ لأنه قال لي وقتها : إن لم توافق فسنماطل في نقل كفالتك ، وسنتأخر عليك في دفع مستحقاتك ، كما حصل لفلان وفلان من الموظفين الذين استقالوا من قبل ، فقلت له : نعم على شرط أن الأسبوع القادم تكون جميع فلوسي معي ، فطبعا مر أسبوع وشهر ، وإلى الآن من 5 أشهر لم يعطوني فلوسي ، ونقلت كفالتي بعد شهرين ، فذهبت إلى مكتب العمل لحل المشكلة ، وشرحت له القصة ، فقال لي : تأخذ جميع المستحقات دون خصم ، وأنا مصر على ذلك ، فهل الاتفاق الذي تم بيني وبينهم يجب علي أن أظل ملتزما به ، ويخصم مني شهر من مستحقاتي أم ألتزم بنظام مكتب العمل ، وأحصل على جميع أموالي ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

يلزم أصحاب الأعمال دفع رواتب الموظفين في وقتها، ويحرم المماطلة فيها؛ لما في ذلك من الظلم وعدم الوفاء بالعقود، ولما روى ابن ماجه (2443) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَعْطُوا الأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ ) صححه الألباني في صحيح ابن ماجه .

والمراد : المبادرة بإعطائه حقه عقب إنهائه العمل ، وكذلك إذا تمت المدة المتفق عليها ( وهي شهر في غالب الوظائف الآن ) : وجب المبادرة بإعطائه حقه .

قال المناوي في "فيض القدير (1/ 562) " :

" فيحرم مطله والتسويف به مع القدرة ، فالأمر بإعطائه قبل جفاف عرقه إنما هو كناية عن وجوب المبادرة عقب فراغ العمل إذا طلب ؛ وإن لم يعرق ، أو عرق وجف " انتهى .

فإن حصل ظرف طارئ لم تتمكن معه الشركة من توفير الرواتب : فالواجب إنظارها؛ لقوله تعالى : ( وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) البقرة/280 .

ثانيا:

الأصل وجوب الوفاء بعقد الإجارة ، فلا يجوز فسخه قبل مدته إلا برضى الطرفين، أو باتباع ما ينص عليه العقد ، كالإنذار قبل الفسخ بشهرين ونحو ذلك.

لكن إن أفلست الشركة، أو تعذر عليها دفع الرواتب، فللأجير الفسخ، على الراجح من كلام الفقهاء، وهو فسخ للإجارة بالعذر الطارئ.

قال الدكتور وهبة الزحيلي: " أما فسخ الإجارة بالأعذار، فقد أجازه فقهاء الحنفية كما تقدم، فقالوا: تفسخ الإجارة بالأعذار؛ لأن الحاجة تدعو إلى الفسخ عند العذر؛ لأنه لو لزم العقد عند تحقق العذر، للزم صاحب العذر ضرر لم يلتزمه بالعقد.

والعذر: هو كل ما يكون أمراً عارضاً، يتضرر به العاقد ، في نفسه أو ماله مع بقاء العقد، ولا يندفع بدون الفسخ.

والأعذار ثلاثة أنواع:

أـ عذر من جانب المستأجر: كإفلاسه أو انتقاله من حرفة إلى أخرى؛ لأن المفلس أو المنتقل من عمل : لا ينتفع به إلا بضرر، فلا يجبر على البقاء في الحرفة الأولى مثلاً.

ب ـ عذر من جانب المؤجر: كأن يلحقه دين فادح ، لا يجد طريقاً لوفائه إلا ببيع الشيء المأجور وأدائه من ثمنه، بشرط أن يثبت الدين بالبينة أو الإقرار.

ج ـ عذر راجع للعين المؤجرة أو الشيء المأجور: كأن يستأجر شخص حماماً في قرية ليستغله مدة معلومة، ثم يهاجر أهل القرية، فلا يجب عليه الأجر للمؤجر. ومثل استئجار مرضع لإرضاع طفل، ثم يأبى الصبي لبنها، أو إمساك الثدي، أو تمرض هي، أو يريد أهل الصبي السفر، فامتنعت، كان هذا عذراً في فسخ الإجارة" انتهى من الفقه الإسلامي وأدلته (4/ 3232).

ثالثا:

ما تم من تنازلك عن شهر من مستحقاتك مقابل نقل كفالتك ، وتحصيل جميع أموالك خلال أسبوع، هو من الإبراء المعلق على شرط .

وتعليق الإبراء على الشرط جائز في مذهب المالكية ورواية عن أحمد، وذلك لما في الإبراء من معنى الإسقاط.

ومنع الجمهور تعليق الإبراء ، لما في الإبراء من معنى التمليك، والتمليكات لا تقبل التعليق.

وينظر: الموسوعة الفقهية (1/ 165)، الفقه الإسلامي وأدلته (6/ 4379).

وإذا لم يتحقق الشرط، فلا يلزمك التنازل عن شهر من مستحقاتك.

قال الدسوقي في حاشيته (3/ 314): " إذا أبرأه ، مع الصلح على شيء ، ثم ظهر خلافه : فلا يبرأ ؛ لأنه إبراء معلق على دوام صفة الصلح، لا إبراء مطلق، فلما لم يتم الصلح ، وجعل الشارع له نقضه : لم ينفعه إبراؤه" انتهى.

فلك التمسك بجميع مستحقاتك ، كما قال مكتب العمل.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب