الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

حكم الدعاء بغير العربية في الصلاة وخارجها

262254

تاريخ النشر : 19-03-2017

المشاهدات : 114717

السؤال

بحثت في فتاواكم عن حكم الدعاء باللغة الإنجليزية في السجود في الصلاة المفروضة ، وكانت الأجوبة مختلفة ، أنظر جواب السؤال رقم : (11588) ، و(20953) فأرجو توضيح المسألة. أما سؤالي الثاني : فهو عن حكم الدعاء من غير المأثور باستخدام كلماتنا الخاصة سواء باللغة العربية أو غيرها من اللغات ؟ وهل يجوز الدعاء بأي لغة بما أن الله عز وجل يفهم كل اللغات؟

ملخص الجواب

يجوز الدعاء بغير العربية في الصلاة ، لمن كانت هذه لغته ، لا سيما إذا شق عليه تعلم العربية. وله أن يدعو بما شاء من خير الدنيا والآخرة ، ولا يشترط أن يكون مأثورا .  

الجواب

الحمد لله.

أولا:

الدعاء بغير العربية في الصلاة محل خلاف بين الفقهاء، فمنهم من حرمه، ومنهم من كرهه، ومنهم من أجازه لغير القادر.

وما جاء في الموقع لا يعد تضاربا، فقد أخذنا بالقول بجواز الدعاء لغير القادر في جوابنا رقم (20953).

وأما الفتوى رقم (11588) فهي فتوى الشيخ عبد الكريم الخضير حفظه الله، والأصل فيما ننقله من فتاوى العلماء أن ينقل كما هو ، ولو خالف اختيار الموقع.

وهذه أقوال الفقهاء في المسألة:

جاء في الموسوعة الفقهية (11/ 172): " الدعاء بغير العربية في الصلاة:

المنقول عن الحنفية في الدعاء بغير العربية : الكراهة؛ لأن عمر رضي الله تعالى عنه نهى عن رطانة الأعاجم، والرطانة كما في القاموس: الكلام بالأعجمية. وظاهر التعليل: أن الدعاء بغير العربية خلاف الأولى، وأن الكراهة فيه تنزيهية .

ولا يبعد أن يكون الدعاء بالعجمية مكروها تحريما في الصلاة، وتنزيها خارجها.

وذهب المالكية إلى أنه يحرم الدعاء بغير العربية - على ما نقل ابن عابدين عن القرافي - معللا باشتماله على ما ينافي التعظيم، وقيد اللقاني كلام القرافي بالأعجمية المجهولة المدلول، أخذا من تعليله، وهو اشتمالها على ما ينافي جلال الربوبية.

وأما إذا علم مدلولها فيجوز استعمالها مطلقا في الصلاة وغيرها؛ لقوله تعالى: وعلم آدم الأسماء كلها ، وقوله تعالى: وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ، وهذا ما صرح به الدسوقي أيضا.

وقد فصل الشافعية الكلام فقالوا: الدعاء في الصلاة إما أن يكون مأثورا أو غير مأثور.

أما الدعاء المأثور ففيه ثلاثة أوجه:

أصحها، ويوافقه ما ذهب إليه الحنابلة: أنه يجوز بغير العربية للعاجز عنها، ولا يجوز للقادر، فإن فعل بطلت صلاته.

والثاني: يجوز لمن يحسن العربية وغيره.

والثالث: لا يجوز لواحد منهما ، لعدم الضرورة إليه.

وأما الدعاء غير المأثور في الصلاة، فلا يجوز اختراعه والإتيان به بالعجمية قولا واحدا.

وأما سائر الأذكار كالتشهد الأول والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه، والقنوت، والتسبيح في الركوع والسجود، وتكبيرات الانتقالات، فعلى القول بجواز الدعاء بالأعجمية : تجوز بالأولى .

وإلا ففي جوازها للعاجز أوجه:

أصحها: الجواز. والثاني: لا. والثالث: يجوز فيما يجبر بسجود السهو" انتهى.

ثانيا:

يجوز للإنسان أن يدعو بغير المأثور، ولو بالعامية، أو بغير العربية-خارج الصلاة أو فيها مع العجز-، بكل كلام مباح لا اعتداء فيه ولا إثم ولا قطيعة رحم.

ولا شك أن الدعاء المأثور فيه الخير العظيم، لكن قد يحتاج الإنسان أن يدعو لنفسه أو لمن يحب بشيء من خيري الدنيا والآخرة، أو يسأل الله دفع شيء من الضر والشر عنه، فهذا باب واسع، ولا يلزم التقيد بالمأثور .

ومدار الدعاء على حضور القلب، وصدق الالتجاء إلى الله تعالى، بأي لغة كان، والله تعالى يسمع الأصوات، ويعلم اللغات، ولا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السموات.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " وأمَّا مَن دعا الله مخلصاً له الدين بدعاءٍ جائزٍ: سمعه الله وأجاب دعاه ، سواء كان معرباً أو ملحوناً ...

بل ينبغي للداعي ، إذا لم يكن عادته الإعراب : ألا يتكلف الإعراب . قال بعض السلف : إذا جاء الإعراب ذهب الخشوع .

وهذا كما يكره تكلف السجع في الدعاء ، فإذا وقع بغير تكلفٍ : فلا بأس به .

فإنَّ أصل الدعاء مِن القلب ، واللسان تابعٌ للقلب ، ومَن جعل همَّته في الدعاء تقويم لسانه ، أضعف توجه قلبه .

ولهذا يدعو المضطر بقلبه دعاء يفتح عليه ، لا يحضره قبل  ذلك ، وهذا أمرٌ يجده كلُّ مؤمنٍ في قلبه .

والدعاء يجوز بالعربيَّة ، وبغير العربيَّة .

والله سبحانه يعلم قصد الداعي ومراده ، وإن لم يقوِّم لسانه ؛ فإنه يعلم ضجيج الأصوات ، باختلاف اللغات ، على تنوع الحاجات" انتهى من " الفتاوى الكبرى " ( 2 / 424).

 ومما يدل على جواز الدعاء بغير المأثور في الصلاة: قوله صلى الله عليه وسلم : ( ثم يتخيّر من المسألة ما شاء ) وفي لفظ : ( ثم يتخيّر من الدعاء أعجبه إليه فيدعو ) رواه البخاري ( 835 ) ومسلم ( 402 ) وهذا في الدعاء قبل التسليم من الصلاة .

 قال الشيخ ابن باز رحمه الله: " والأحاديث في هذا المعنى كثيرة ، وهي تدل على شرعية الدعاء في هذه المواضع بما أحبه المسلم من الدعاء سواء كان يتعلق بالآخرة أو يتعلق بمصالحه الدنيوية ، بشرط ألا يكون في دعائه إثم ولا قطيعة رحم ، والأفضل أن يكثر من الدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم " انتهى من " فتاوى الشيخ ابن باز " ( 11 / 172).

والحاصل :

أنه يجوز الدعاء بغير العربية في الصلاة ، لمن كانت هذه لغته ، لا سيما إذا شق عليه تعلم العربية.

وله أن يدعو بما شاء من خير الدنيا والآخرة ، ولا يشترط أن يكون مأثورا .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب