الخميس 6 جمادى الأولى 1446 - 7 نوفمبر 2024
العربية

حكم أكل جبن المجوس

السؤال

ماذا قال العلماء عن صحة هذه الأحاديث الموقوفة التي أوردها أبو بكر ابن أبي شيبة : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ أَبِي وَائِلٍ وَإِبْرَاهِيمَ قَالَا: " لَمَّا قَدِمَ الْمُسْلِمُونَ أَصَابُوا مِنْ أَطْعِمَةِ الْمَجُوسِ مِنْ جُبْنِهِمْ وَخُبْزِهِمْ ، فَأَكَلُوا ، وَلَمْ يَسْأَلُوا عَنْ ذَلِكَ ، وَوُصِفَ الْجُبْنُ لِعُمَرَ ، فَقَالَ: "اذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَكُلُوهُ " رواه ابن أبي شيبة (5/130) ؟ وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ: " ذَكَرْنَا الْجُبْنَ عِنْد َعُمَرَ، فَقُلْنَا لَهُ إِنَّهُ يُصْنَعُ فِيهِ أَنَافِيحُ الْمَيْتَةِ، فَقَالَ:  "سَمُّوا عَلَيْهِ وَكُلُوهُ" ، رواه ابن أبي شيبة (5/130) ؟ وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ جَحْشٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ : " أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْجُبْنِ، فَقَالَ: "لَا بَأْسَ بِهِ، ضَعِ السِّكِّينَ وَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَكُلْ" رواه ابن أبي شيبة (5/130) ؟

ملخص الجواب

الراجح أن أكل جبن المجوس وغيرهم الأصل فيه الحل ، ما لم يحرم بطريق أخرى ، كإضافة محرمات عليها من دهن خنزير وغيره. 

الجواب

الحمد لله.

أما السند الأول: فرجاله ثقات من رجال الشيخين ، إلا أن مغيرة وهو ابن مقسم الضبي مدلس ، وقد عنعنه عن أبي وائل وإبراهيم .

انظر : " تهذيب التهذيب" (10/ 241)، "الثقات" لابن حبان (7/ 464).

والظاهر أنها محتملة هنا ؛ فعنعنة مغيرة عن أبي وائل وإبراهيم : مخرجة في الصحيحين ، في المرفوع ؛ والموقوف هنا لا شك أمره أسهل .

وأما الإسناد الثاني : فرجاله رجال الشيخين أيضا ، وأبو معاوية وإن كان قد تكلم فيه غير واحد ، لكن إنما تُكلم فيه في غير حديث الأعمش ، أما حديثه عن الأعمش خاصة فكان يحفظه جيدا ، وهو من أوثق أصحاب الأعمش ، قال وكيع : " ما أدركنا أحدا كان أعلم بأحاديث الأعمش من أبي معاوية ".

انظر "التهذيب" (9/ 121)

وقد خالف مغيرة الأعمش ، فرواه مغيرة عن أبي وائل – بمتابعة إبراهيم وهو النخعي – عن عمر ، ورواه الأعمش عن أبي وائل -وهو شقيق بن سلمة- عن عمرو بن شرحبيل عن عمر ، وحديث الأعمش أصح .

وهو بكل حال صحيح عن عمر ، سواء من حديث مغيرة أو من حديث الأعمش .

أما أثر الحسن بن علي ، ففي إسناده جحش وهو جحش بن زياد الضبي ، ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (2/ 550) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا ، وكذا ذكره البخاري في "التاريخ" (2/253) وقال : " روى عنه الثوري وأبو بكر ومحمد بن فضيل بن غزوان " انتهى .

وذكره ابن حبان في "الثقات" (6/157)

فهو مجهول الحال ، وبعض أهل العلم يحسن حديث مثل هذا الراوي ، وخاصة في مثل هذه الموقوفات .

ويختلف حكم الإنفحة باختلاف ما أُخذت منه ، فإن أُخذت من حيوان مذكى ذكاة شرعية فهي طاهرة مأكولة ، وإن أخذت من ميتة أو من حيوان لم يذكَّ ذكاة شرعية ، ففيها خلاف بين الفقهاء ، فالجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة على أنها نجسة ، وذهب أبو حنيفة وأحمد في رواية أخرى عنه إلى طهارتها ، وهذا ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، قال في "الفتاوى" (21/ 103):

" وَالْأَظْهَرُ أَنَّ جُبْنَهُمْ – يعني المجوس - حَلَالٌ وَأَنَّ إنْفَحَةَ الْمَيْتَةِ وَلَبَنَهَا طَاهِرٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَمَّا فَتَحُوا بِلَادَ الْعِرَاقِ أَكَلُوا جُبْنَ الْمَجُوسِ، وَكَانَ هَذَا ظَاهِرًا شَائِعًا بَيْنَهُمْ، وَمَا يُنْقَلُ عَنْ بَعْضِهِمْ مِنْ كَرَاهَةِ ذَلِكَ فَفِيهِ نَظَرٌ " انتهى .

وينظر السؤال رقم : (2841)، (115306)

والله تعالى أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الاسلام سؤال وجواب