الحمد لله.
ليس كل نداء لغائب أو جمادٍ يعد شركاً ، بل يختلف الحكم باختلاف القصد من النداء ، وذلك أن النداء في لغة العرب ، وإن كان الأصل فيه طلب الإِجابة لأمْرٍ ما ، إلا أنه يستعمل لمعانٍ أخرى مختلفة ، تفهم من السِّياق والقرائن ، وشواهد ذلك في لغة العرب وأشعارهم كثيرة ومستفيضة .
فكل من نادى غير الله وظهر من حاله أو القرائن المحتفة بالكلام ، أو واقعه : بأنه لا يقصد الطلب ، وإنما له مقصد بلاغي ، أو أدبي ، أو وجداني آخر، سوى الطلب والرغبة ، فهو في الحقيقة لم يقع في الاستغاثة بغير الله .
وقال الشيخ محمد بشير السهسواني (المتوفى: 1326هـ) : "المانعون لنداء الميت والجماد وكذا الغائب ، إنما يمنعونه بشرطين:
الأول : أن يكون النداء حقيقياً ، لا مجازياً.
والثاني : أن يقصد ويطلب به من المنادَى ما لا يقدر عليه إلا الله ، من جلب النفع وكشف الضر. مثلاً يقال: يا سيدي فلان ؛ اشف مريضي وارزقني ولداً، ولا مرية أن هذا النداء هو الدعاء، والدعاء هو العبادة، فكيف يشك مسلم في كونه كفراً وإشراكاً وعبادة لغير الله؟ ".
ثم قال : " وأما النداء المجازي : فلا يمنعه أحد".
انتهى من "صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان" (ص: 366).
وقد عرضت هذا السؤال على شيخنا عبد الرحمن البراك حفظه الله تعالى ، فأفاد :
" لا حرج في ذلك ؛ لأنه إما أن يصدر من الصغير ، ولا حكم له .
أو من الكبير بشكل لا إرادي ودون قصد منه للاستغاثة بأمه.
ولا يقصد ذلك شخص يعقل ما يقول". انتهى
وقد سبق تفصيل هذا في جواب السؤال (237968).
والله أعلم
تعليق