الخميس 20 جمادى الأولى 1446 - 21 نوفمبر 2024
العربية

هل النساء في الجنة يرين النبي ﷺ ويصافحنه؟

263763

تاريخ النشر : 25-02-2021

المشاهدات : 38569

السؤال

عندما ندخل الجنة بإذن الله تعالى فإذا أراد أحد رؤية النبي صلي الله عليه وسلم وهو في منزله أقل منه فهل سيراه؟ وهل يجوز معاملة النبي صلى الله عليه وسلم كأب، مثل السلام عليه بالأيدي، أو تقبيل يديه مثالا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم بمثابة أب لنساء أمته فهل سيكون ذلك جائزا في الجنة، أم سيظل حراما أن يمس امرأة أجنبية؟ وهل من حفظ القرآن كاملا يكون معه في درجته في الجنة؟

ملخص الجواب

1. الذي يظهر -والله أعلم-: أن من دخل الجنة، فإنه يرى النبي صلى الله عليه وسلم، رجلا كان أو امرأة. 2. كان النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا لا يصافح النساء من غير محارمه. وأما في الآخرة، فلم نقف على شيء في ذلك، وأمور الغيب لا تعلم إلا بالخبر من الله أو من رسوله صلى الله عليه وسلم. 3. من حفظ القرآن الكريم كان له الثواب العظيم والدرجة العالية عند الله تعالى، ولم نقف على ما يفيد أن حافظ القرآن يكون في رفقة النبي صلى الله عليه وسلم.  

الحمد لله.

أولا:

هل النساء في الجنة يرين النبي صلى الله عليه وسلم؟

الذي يظهر، والله أعلم: أن من دخل الجنة، فإنه يرى النبي صلى الله عليه وسلم، رجلا كان أو امرأة، وذلك أن الله وعد أهل الجنة بأنهم يتنعمون ولهم فيها ما يشتهون، وأن من أطاع الله ورسوله كان مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وهذه المعية أقل أحوالها الرؤية والزيارة، وإن لم يحصل التساوي في الدرجة.

قال تعالى:  وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً   النساء/69.

وعن عائشة قالت: "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إنك لأحب إلي من نفسي وأحب إلي من أهلي، وأحب إلي من ولدي، وإني لأكون في البيت فأذكرك فما أصبر حتى آتيك فأنظر إليك، وإذا ذكرت موتي وموتك عرفت أنك إذا دخلت الجنة رُفعت مع النبيين، وإن دخلت الجنة خشيت ألا أراك، فلم يردَّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم حتى نزلت عليه: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا).

قال ابن كثير – بعد أن ذكره مسنداً عند ابن مردويه في "التفسير" -:

وهكذا رواه الحافظ أبو عبد الله المقدسي في كتابه "صفة الجنة"، من طريق الطبراني، عن أحمد بن عمرو بن مسلم الخلال، عن عبد الله بن عمران العابدي، به، ثم قال: لا أرى بإسناده بأساً. انتهى من "تفسير ابن كثير" (2 / 354).

وقال القرطبي رحمه الله: "(فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم) أي هم معهم في دار واحدة، ونعيم واحد، يستمتعون برؤيتهم والحضور معهم، لا أنهم يساوونهم في الدرجة، فإنهم يتفاوتون، لكنهم يتزاورون، للاتباع في الدنيا والاقتداء.

وكل من فيها قد رزق الرضا بحاله، وقد ذهب عنه اعتقاد أنه مفضول. قال الله تعالى: (ونزعنا ما في صدورهم من غل)." انتهى من "تفسير القرطبي" (5/ 272).

وقد أخبر صلى الله عليه وسلم أن من رآه في المنام فإنه سيراه في اليقظة؛ أي: في الجنة، وهذا يشمل الرجال والنساء، ومن رافقه في الجنة، ومن كان دون ذلك في المنزلة.

عَنْ أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:  مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَسَيَرَانِي فِي الْيَقَظَةِ، وَلَا يَتَمَثَّلُ الشَّيْطَانُ بِي  رواه البخاري (6592)، وقال: قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: إِذَا رَآهُ فِي صُورَتِهِ. ورواه مسلم (2266).

قال النووي رحمه الله: " قوله صلى الله عليه وسلم (من رآني في المنام فسيراني في اليقظة أو لكأنما رآني في اليقظة): قال العلماء: إن كان الواقع في نفس الأمر: (فكأنما رآني)، فهو كقوله صلى الله عليه وسلم: (فقد رآني)، أو: (فقد رأى الحق)، كما سبق تفسيره. 

وإن كان: (سيراني في اليقظة): ففيه أقوال: 

أحدها: المراد به أهل عصره، ومعناه: أن من رآه في النوم ولم يكن هاجر، يوفقه الله تعالى للهجرة ورؤيته صلى الله عليه وسلم في اليقظة عيانا. 

والثاني: معناه: أنه يرى تصديق تلك الرؤيا في اليقظة في الدار الآخرة، لأنه يراه في الآخرة جميع أمته من رآه في الدنيا ومن لم يره. 

والثالث: يراه في الآخرة رؤيةً خاصته، في القرب منه، وحصول شفاعته، ونحو ذلك. والله أعلم. " انتهى من "شرح مسلم" (15/26). 

ثانيا:

هل النساء في الجنة يصافحن النبي صلى الله عليه وسلم؟

النبي صلى الله عليه وسل أب للمؤمنين في الدين وفي الشفقة، وأخ لهم في الإيمان، لا في النسب والمحرمية؛ وإلا لما جاز أن يتزوج من نسائهم.

 روى أبو داود (8) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ بِمَنْزِلَةِ الْوَالِدِ، أُعَلِّمُكُمْ  والحديث حسنه الألباني.

وروى مسلم (249) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: "أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى الْمَقْبُرَةَ، فَقَالَ:  السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ، وَدِدْتُ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا  قَالُوا: أَوَلَسْنَا إِخْوَانَكَ؟ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ:  أَنْتُمْ أَصْحَابِي وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ  فَقَالُوا: كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ مِنْ أُمَّتِكَ؟ يَا رَسُولَ اللهِ فَقَالَ:  أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ بَيْنَ ظَهْرَيْ خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ أَلَا يَعْرِفُ خَيْلَهُ؟   قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ:   فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنَ الْوُضُوءِ  .

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا لا يصافح النساء من غير محارمه.

وأما في الآخرة، فلم نقف على شيء في ذلك، وأمور الغيب لا تعلم إلا بالخبر من الله أو من رسوله صلى الله عليه وسلم.

فنقول: الله أعلم بما يكون الحال عليه، وعلينا أن ننشغل بما يدخلنا الجنة، ويرفع درجاتنا فيها، ويجعلنا في رفقة النبي صلى الله عليه وسلم.

سئل الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك حفظه الله: "هل بالإمكان أن يرى المسلم إحدى المسلمات في الجنة اللاتي كن أجنبيات عنه ولا يحللن له؟ هل يجوز أن يراهن في الجنة ويقابلهن؟ كأن يتمنى مسلم أن يقابل أمهات المؤمنين، خاصة وأن القلوب قد طهرت بدخول دار الطيبين، فقد دار حوار هادئ بين أناس ولم يخرجوا بنتيجة واضحة تفصل المسألة، فنأمل منكم إجابة شافية ولو بعد حين، بارك الله فيكم ونفع بعلمكم.

فأجاب:

إن أمور الغيب لا سبيل إلى معرفتها إلا بالخبر عن المعصوم، لأن أمور الغيب لا تدرك بالعقول والتفكير، فأمور الجنة من الغيب المستور.

والواجب الوقوف عند ما جاءت به النصوص من الكتاب والسنة، فيجب الإيمان بالجنة وما أخبر الله به من أصناف النعيم فيها، مع العلم بأن حقائقها لا يعلمها إلا الله.

ولم يأت في النصوص أن الرجل يلقى نساء الآخرة. فلم يرد نفي ولا إثبات للرؤية المسؤول عنها، وليس لنا أن نقول: إن الإنسان يمكن أن يرى أمهات المؤمنين، أو نقول لا يمكن، بل يجب أن نمسك عن التفكير في هذا، والخوض فيه، فإنه من الفضول وليس مما يشرع الدعاء به، ولا مما يشرع تمنيه.

لكن الذي دل عليه القرآن أن المؤمنين يلتقون ويجلسون على السرر متقابلين، كما قال تعالى:  (ثلة من الأولين وقليل من الآخرين على سرر موضونة متكئين عليها متقابلين) [الواقعة:12-16]، وفي الآية الأخرى: (ونزعنا ما في صدورهم من غل إخواناً على سرر متقابلين) [الحجر:47].

فلا ينبغي الخوض في أمور الغيب بلا علم، بل إذا طرح مثل هذا السؤال فينبغي أن يجيب الإنسان بقوله: الله أعلم، ويوجه السائل إلى عدم الخوض في ذلك لأنه لا فائدة فيه، (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولاً) [الإسراء:36] وقالت الملائكة: (سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم) [البقرة:32].

نسأل الله أن يهدينا صراطه المستقيم وأن يجعلنا جميعاً من أهل جنات النعيم وصلى الله وسلم بارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه" انتهى من "موقع طريق الإسلام".

وينظر جواب السؤال رقم: (96619

ثالثا:

هل حافظ القرآن يكون في رفقة النبي صلى الله عليه وسلم؟

من حفظ القرآن الكريم كان له الثواب العظيم والدرجة العالية عند الله تعالى، كما جاء في الحديث الذي رواه الترمذي (2914) وأبو داود (1464) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:  يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَأُ بِهَا  والحديث صححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (5/281) برقم 2240

ولم نقف على ما يفيد أن حافظ القرآن يكون في رفقة النبي صلى الله عليه وسلم.

والنبي صلى الله عليه وسلم عليه وسلم في درجة لا يساويه فيها أحد، ولكن هناك من يكون مرافقا له، أي قريبا منه، متمتعا بالنظر إليه.

روى مسلم (384) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:  إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ، فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ، لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ، حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ  .

جعلنا الله وإياك في رفقة النبي صلى الله عليه وسلم.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الاسلام سؤال وجواب