الأحد 19 شوّال 1445 - 28 ابريل 2024
العربية

هل يجوز الاقتراض من مال اليتيم؟

265477

تاريخ النشر : 16-11-2023

المشاهدات : 1810

السؤال

 توفي زوجي قبل فترة بسيطة و عندي بنتين، فاضطر والداي الى القدوم و العيش معي لكن هذا جعل ابي يقطع مسافة طويلة جدا للذهاب الى عمله لدي اموال هي من حقي و حق يتيمتي ، هل يجوز لي استخدام بعض هذه الاموال لكي اشتري لابي دراجة نارية بثلاث عجلات ( لانه بائع متجول) على اساس انه معيلنا انا و ابنتي علما اني و بعد اشهر قليلة سأبدأ بتقاضي معاش زوجي ان شاء الله؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

يجوز أن تتبرعي من مالك لشراء دراجة لأبيك، لصحة تبرع البالغ الرشيد بماله، ذكرا كان أو أنثى.

ثانيا:

لا يجوز التبرع بشيء من مال اليتيم ، لا بالقرض ولا بالهبة ، ولا بغير ذلك من أنواع التبرعات التي لا تعود على اليتيم بالنفع ؛  لقوله تعالى: وَلاَ تَقْرَبُوا مَال الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ سورة الأنعام/152 ، وقوله تعالى:  وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ البقرة/220 .

وجاء في "الموسوعة الفقهية" (43/198) : "ذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة إلى أنه ليس للوصي أن يتبرع بمال الصغير، سواء أكان بالصدقة أم بالهبة بغير عوض؛ لأن التبرع بمال الصغير لا حظ له فيه، وأنه ينافي مقصود الوصاية من الحفاظ على المال وتنميته والتصرف بما فيه نفع يعود على الصغير، مستندين في ذلك إلى قوله تعالى : (وَلاَ تَقْرَبُوا مَال الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) فقد نهى عن قربان مال اليتيم إلا بما فيه مصلحة له، والتبرع بالمال لا مصلحة لليتيم فيه، بل هو تصرف في ماله على غير الوجه الذي أمر الله به، فيكون ممنوعاً ومنهيا عنه" انتهى.

وعليه فلا يجوز أن يؤخذ من مال بنتيك إلا القدر الذي يعود عليهما بالمصلحة المحضة، أو الراجحة.

وقد ذكرت أمرين:

الأول: أن هذه الدراجة يستعملها والدك في العمل، وهو معيلكما.

والثاني: أنه بعد أشهر قليلة سيصرف لكما معاش زوجك، فتستغنين عن إعالة والدك.

فما دام للطفلتين مال ، فتكون النفقة عليهما من مالهما، ولا يكونان بحاجة إلى إعالة جدهما ، ولا يلزمه في هذه الحالة أن ينفق عليهما من ماله الخاص .

لكن إن كان ما سيؤخذ من مالهما لشراء الدراجة سيعود عليهما بالنفع الزائد من جراء عمل والدك في هذه الأشهر، أو يمتد النفع إلى ما بعد ذلك، بأن تكون تلك الدراجة سببا لزيادة عمل والدك أو زيادة أرباحه فيتمكن من النفقة على الطفلتين بصورة أحسن ، فلا حرج حينئذ من إعطائه قرضًا من مال الطفلتين ، لأن لهما مصلحة في هذا .

وإن كان لا يعود عليهما بنفع زائد، بل بنفع مساوٍ أو ناقص، فلا يجوز الأخذ من مالهما شيئا.

والأصل تحريم أكل مال اليتيم، ووجوب التصرف في ماله بما فيه المصلحة له.

قال الخطيب الشربيني في مغني المحتاج (3/151): "ويتصرف له [يعني : اليتيم] الولي بالمصلحة وجوباً ، لقوله تعالى : (وَلاَ تَقْرَبُوا مَال الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) وقوله تعالى : (وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنْ الْمُصْلِحِ) .

فالتصرف الذي لا خير فيه ولا شر : ممنوع منه ، إذ لا مصلحة فيه ، وهو كذلك .

ويجب على الولي حفظ مال الصبي عن أسباب التلف ، واستنماؤه [أي: استثماره] ، قدر ما تأكله المؤن، من نفقة وغيرها، إن أمكن" انتهى بتصرف .

وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء (14/221)  ما نصه: " يوجد لديه فلوس لأيتام والفلوس هذه موضوعة في أحد بنوك المملكة دون فائدة لهؤلاء الأيتام ، وحضر أحد المواطنين يطلب من هذه الفلوس سلف مبلغ وقدره ستون ألف ريال وعندئذ قال: أنا سوف أقوم بهذه الفلوس تقسيط على (35 شهر) وكل شهر قسط بمقدار (2400) ، وقال : أنا سوف أعطي الأيتام من خاطري مقدار (12000 ريال) زود على فلوسهم ، وهذا من خاطري وليس شرطاً ، بل ما دام إنها سوف تجلس مدة يمكن هذا ما فيه شيء .

فأجابت :إذا كان الواقع كما ذكرت ، فلا يجوز لك أن تقرض من مال الأيتام لا للمذكور ولا لغيره، ولا مع نية أن يكافأهم بزيادة ، ولا بعدم نية ، ولكن يشرع لك التماس من يتجر فيها بجزء مشاع معلوم من ربحها ، كالنصف ونحوه ، بشرط أن يكون من الثقات .

وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وحبه وسلم.

الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي... الشيخ عبد الله ابن غديان ... الشيخ عبد الله بن قعود" انتهى.

فالحاصل: أنه لا يجوز الأخذ من مالهما لشراء الدراجة لجدهما، إلا إذا كان ذلك يعود عليهما بنفع زائد.

ثالثا:

يجوز لمن يلي أمر الأيتام ويرعاهم أن يأكل من مالهم بالمعروف، إن كان محتاجا، لقوله تعالى: وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلا مَعْرُوفًا. وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا  النساء /5،6.

 والفقهاء يقولون: له أن يأكل من أقل الأمرين: أجرة مثله، أو قدر حاجته، أي إن كان عمله واجتهاده مما يستحق أجرة قدرها 100 مثلا، وكان محتاجا، وحاجته تقدر ب 90، فإنه يأخذ 90

وينظر: جواب السؤال رقم (186793)، (145424)، (343845)

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب