الخميس 25 جمادى الآخرة 1446 - 26 ديسمبر 2024
العربية

يطلب منه الموظفون أن يكلفهم بأعمال يسيرة لا تتناسب مع وقت دوامهم .

266764

تاريخ النشر : 22-05-2017

المشاهدات : 2614

السؤال

أنا متعاون مع جمعية خيرية بنظام الساعات ورئيس قسم فيها ويعمل لدي متعاونون كذلك ، ويطلب مني بعض المتعاونين عدم تكليفهم بأعمال كثيره ويرغبون بعمل خفيف جداً لايتجاوز عمله النصف ساعة مع أن العقد ينص على ( 60 ساعة شهرياً بمعدل ساعتين ونصف تقريباً ) فهل أطيعهم وأخفف عنهم المهام؟ بحجة أنهم يرون أن المطلوب منهم العمل وليس الساعات المتفق عليها !! ولايرغبون بعمل كثير يسند إليهم ، فهل آثم إذا خففت عنهم العمل مع العلم أنهم يتقاضون مرتباً شهرياً على هذا الوقت في العقد ؟

الجواب

الحمد لله.

الواجب عليك تكليف هؤلاء المتعاونين بما يناسب الزمن المتعاقد عليه، وهو ساعتان ونصف يوميا، وبما لا يشق عليهم، بل تتوخى مصلحة العمل، مع عدم المشقة على العمال .

ولا يجوز أن تحابيهم ، فتكلفهم بعمل لا يستغرق إنجازه إلا نصف ساعة، وهم يتقاضون أجرا على ساعتين ونصف، فهذا من التفريط والإضرار بجهة العمل، وهو خلاف مقتضى المسئولية والأمانة، ما لم تأذن جهة العمل بذلك.

والأصل في ذلك أنك وكيل عن جهة العمل، والوكيل يتصرف بالإذن، ويعمل لمصلحة موكله، ولا يشق على إخوانه كذلك، فيتوسط في الأمر، ويراعي الجانبين.

قال ابن قدامة رحمه الله: " ولا يملك الوكيل من التصرف إلا ما يقتضيه إذن موكله، من جهة النطق، أو من جهة العرف؛ لأن تصرفه بالإذن، فاختص بما أذن فيه، والإذن يعرف بالنطق تارة وبالعرف أخرى.

ولو وكل رجلا في التصرف في زمن مقيد، لم يملك التصرف قبله ولا بعده؛ لأنه لم يتناوله إذنه مطلقا ولا عرفا؛ لأنه قد يُؤْثِر التصرفَ في زمن الحاجة إليه دون غيره" انتهى من المغني (5/ 95).

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله:

"أما الموظفون الذين لا يؤدون أعمالهم، أو لا ينصحون فيها: فقد سمعتم أن مِن خصال الإيمان: أداء الأمانة، ورعايتها، كما قال الله سبحانه وتعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) النساء/ 58 .

فالأمانة مِن أعظم خصال الإيمان، والخيانة مِن أعظم خصال النفاق، كما قال الله سبحانه في وصف المؤمنين: (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ) المؤمنون/ 8، وقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) الأنفال/ 27.

فالواجب على الموظف أن يؤدي الأمانة بصدق، وإخلاص، وعناية ، وحفظ للوقت، حتى تبرأ الذمة، ويطيب الكسب، ويُرضي ربه، وينصح لدولته في هذا الأمر، أو للشركة التي هو فيها، أو لأي جهة يعمل فيها .

هذا هو الواجب على الموظف أن يتقي الله، وأن يؤدي الأمانة بغاية الإتقان، وغاية النصح، يرجو ثواب الله ، ويخشى عقابه، ويعمل بقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) النساء/ 58.

ومن خصال أهل النفاق: الخيانة في الأمانات، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان) متفق عليه .

فلا يجوز للمسلم أن يتشبه بأهل النفاق، بل يجب عليه أن يبتعد عن صفاتهم، وأن يحافظ على أمانته، وأن يؤدي عمله بغاية العناية، ويحفظ وقته، ولو تساهل رئيسه، ولو لم يأمره رئيسه، فلا يقعد عن العمل، أو يتساهل فيه، بل ينبغي أن يجتهد حتى يكون خيراً من رئيسه في أداء العمل، والنصح في الأمانة، وحتى يكون قدوة حسنة لغيره" انتهى من " فتاوى الشيخ ابن باز " (5 / 39، 40) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

" ..  هل هذه المكافأة التي حصلت للإنسان على عمل معين هل قام بهذا العمل أم لا؟

لم يقم بالعمل!!

إذا لم يقم بالعمل: صار أخذ المال بغير حق ، وأخذ المال بغير حق هو أكل المال بالباطل تماماً ، مع ما في ذلك من خيانة للأمانة ، حتى ولو وافق الرئيس المباشر على مثل هذا العمل فهو خائن ، والمال ليس ماله - أعني الرئيس المباشر - حتى يتصرف به كيف يشاء ، المال مال الدولة ....

وإنني بهذه المناسبة: أحذر الرؤساء، والمدراء الذين يعملون مثل هذا العمل ، وأقول: اتقوا الله فيما وليتم عليه، واتقوا الله أيضاً فيمن تحت أيديكم من الموظفين، لا تطعموهم ما لا يحل لهم ، ولا تخونوا الدولة بأن تعطوا من لا يستحق" انتهى من " لقاءات الباب المفتوح " (114 / 15) .

فالواجب: أن تنصح لجهة عملك، وأن تكلف من تحتك بالأعمال التي تتناسب مع وقت عملهم، دون محاباة، ودون إضرار.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب