الحمد لله.
أولا :
كفارة القتل إنما تلزم من قتل غيره خطأً على سبيل المباشرة أو التسبب ، كما قال الحجاوي في "زاد المستقنع" : " كل من أتلف إنساناً بمباشرة أو سبب لزمته ديته " . انتهى .
والتسبب في القتل يكون بالتعدي أو التفريط ، كمن يحفر حفرة في طريق الناس .
أما من حفر بئرا في بيته أو مزرعته ، أو في أرض موات ، فإن مات بسببها إنسان ، فلا ضمان على صاحب البئر ؛ لأن وجود الآبار في هذه الأماكن معتاد ، ولا يُضْمَن ؛ ما دام الداخل بصيرًا والبئر ظاهرة ، أو كانت خفية لكن نبهه عليها ، فلا ضمان عليه في هذه الحال .
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( البئر جبار ) ، والجبار : الْهَدَرُ الَّذِي لا طَلَبَ فِيهِ ، وَلا قصاص وَلا دِيَةَ .
قال ابن قدامة :
" إِنْ حَفَرَ إنْسَانٌ فِي مِلْكِهِ بِئْرًا، فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ أَوْ دَابَّةٌ، فَهَلَكَ بِهِ، وَكَانَ الدَّاخِلُ دَخَلَ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْحَافِرِ؛ لِأَنَّهُ لَا عُدْوَانَ مِنْهُ.
وَإِنْ دَخَلَ بِإِذْنِهِ، وَالْبِئْرُ بَيِّنَةٌ مَكْشُوفَةٌ، وَالدَّاخِلُ بَصِيرٌ يُبْصِرُهَا، فَلَا ضَمَانَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْوَاقِعَ هُوَ الَّذِي أَهْلَك نَفْسَهُ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قُدِّمَ إلَيْهِ سَيْفٌ، فَقَتَلَ بِهِ نَفْسَهُ " انتهى من "المغني" (8/427) .
وينظر جواب السؤال (201242) .
ثانيا :
إذا كان هذا المقبس مكشوفا انكشافا عاديا ؛ كحال كثير من مقابس الكهرباء لا خوف على المارّ منها ، فليست أسلاكه ناشزة ولا تَعْلَق بأحد ؛ فليس على هذه الأم مسئولية وفاة ابنتها ؛ لأن وجود هذه المقابس مكشوفة هو أمر اعتاده أكثر الناس ، والغالب فيه السلامة ، لا سيما إذا كان هذا المقبس المكشوف مرتفعا ، لا يُدرك إلا بتطاول ، فهي لم تباشر القتل ولم تتسبب فيه ، ولم يقع منها تعدٍّ أو تفريط .
وإذا كانت البنت ذات عشر سنين ، فهي مميزة، أو قد قاربت البلوغ ، فليست طفلة لا تعي ما يقال لها ، بل هي تدرك وتفهم ، وقد حذرتها أمها مما تخشاه عليها من هذا المقبس الكهربائي ، فموتها بمثل هذا لا يسمى تفريطا.
وقد سئل الشيخ ابن باز عن طفل تُرك في البيت ، وذهب ليأخذ خبزا من الفرن فانقلب عليه ومات :
فأجاب :
" نرجو ألا يكون عليكما شيء ؛ لأن هذا شيء عادي، يقع من الناس ، ولا يسمى تفريطا ، هكذا يحصل عند أهل النخيل وأهل المزارع ، قد يتركون الولد يذهب إلى الساقي ويسبح فيه أو في البركة، فيموت بسبب ذلك ، هذه أمور عادية ، ما فيها حيلة ، يعفى عنها إن شاء الله " انتهى " مجموع الفتاوى " (32/3699) .
والخلاصة : أن الصورة المذكورة لا يظهر فيها : وجود تعدٍ أو تفريط من الأم ؛ ولذلك لا يلزمها كفارة ، وما حصل إنما هو قضاء وقدر من الله لا سبب لها فيه ، ونسأل الله أن يجعل هذه البُنيّة ذخراً لوالديها في الجنة .
والله أعلم .
تعليق