الحمد لله.
تغيير محل الإقامة إن لم يكن حقيقيا فهو داخل في جملة الكذب، والكذب لا يباح إلا للضرورة أو الحاجة الملحة.
فإذا كانت المرأة المسئول عنها بحاجة ملحة إلى تكميل راتب ولدها المعاق، لتنفق عليه وعلى إخوته، بحيث تتضرر ضررا ظاهرا بعدم الحصول عليه، ولم يمكن ذلك إلا بادعاء تغيير محل الإقامة، جاز لها ذلك.
فالمسألة لها جانبان: كذبها بشأن محل الإقامة، وأخذها المال المترتب على ذلك .
فإن كانت مضطرة لأخذ هذا المال، أو بحاجة ماسة له ، جاز لها الكذب لأخذ ما أعد للمعاقين من الأموال العمومية، وجاز لك إعانتها على ذلك.
قال النووي رحمه الله: " اعلم أن الكذب، وإن كان أصله محرما، فيجوز في بعض الأحوال بشروط قد أوضحتها في كتاب "الأذكار" .
ومختصر ذلك : أن الكلام وسيلة إلى المقاصد، فكل مقصود محمود يمكن تحصيله بغير الكذب: يحرم الكذب فيه .
وإن لم يمكن تحصيله إلا بالكذب : جاز الكذب.
ثم إن كان تحصيل ذلك المقصود مباحا ، كان الكذب مباحا، وإن كان واجبا، كان الكذب واجبا؛ فإذا اختفى مسلم من ظالم يريد قتله، أو أخذ ماله، وأخفى ماله، وسئل إنسان عنه، وجب الكذب بإخفائه، وكذا لو كان عنده وديعة، وأراد ظالم أخذها، وجب الكذب بإخفائها .
والأحوط في هذا كله أن يوري، ومعنى التورية: أن يقصد بعبارته مقصودا صحيحا ، ليس هو كاذبا بالنسبة إليه، وإن كان كاذبا في ظاهر اللفظ، وبالنسبة إلى ما يفهمه المخاطب . ولو ترك التورية وأطلق عبارة الكذب، فليس بحرام في هذا الحال" انتهى من "رياض الصالحين" ص439
وقال ابن مفلح في "الآداب الشرعية" (1/11) في بيان حكم الكذب : " قال ابن الجوزي : وضابطه : أن كل مقصود محمود لا يمكن التوصل إليه إلا بالكذب : فهو مباح ، إن كان ذلك المقصود مباحا ، وإن كان واجبا : فهو واجب ، وهو مراد الأصحاب .
ومرادهم هنا لغير حاجة وضرورة ؛ فإنه يجب الكذب إذا كان فيه عصمة مسلم من القتل ".
إلى أن قال : " ومهما أمكن المعاريض : حَرُم ، وهو ظاهر كلام غير واحد ، وصرح به آخرون لعدم الحاجة إذاً" انتهى.
والله أعلم.
تعليق