الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024
العربية

مكتب يتوسط لشراء البيوت بالتقسيط

269897

تاريخ النشر : 28-10-2018

المشاهدات : 3425

السؤال

أنا أعيش في الولايات المتحدة الأمريكية ، يوجد هنا مكتب خيري يشتري المنازل لذوي الدخل المحدود ، ويبيعها بالتقسيط بزيادة 3‎%‎ ، وهذه النسبة غير قابلة للزيادة ، وإذا تأخر دفع القسط لا يزيد السعر ، بحيث إن السعر المتفق عليه في البداية هو السعر النهائي ، بمعنى لا توجد زيادة بالسعر في آخر المطاف ، ولكن هذا المشروع يمول أمواله من البنك هذا أولا ، وثانيا هذا البرنامج يكون وسيطا بين البائع والمشتري بمعنى أنه هو الذي يدفع النقود إلى المالك ، فهل تعتبر 3‎%‎ هي ربا ؟

الجواب

الحمد لله.

شراء البيوت أو غيرها بالتقسيط عن طريق البنوك أو عن طريق هذا المكتب بالطريقة التي ذكرتها ، يتم بطريقتين :

الأولى :

أن يكون دور الوسيط بين البائع والمشتري ( سواء كان بنكًا أم مكتبا أم شركة ..) هو مجرد التمويل ، بأن يدفع الثمن للبائع نيابة عن المشتري ، أو يعطيه للمشتري ليقوم بدفعه إلى البائع ، ثم يسترد الثمن من المشتري بزيادة متفق عليها .

وهذه المعاملة ربا ، لأن حقيقتها أن المكتب أقرض المشتري الثمن، ثم استرده بزيادة مشروطة ، وهذا ربا بإجماع العلماء ، قال ابن قدامة رحمه الله الله تعالى : "وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف . قال ابن المنذر : أجمعوا على أن المُسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية ، فأسلف على ذلك أن أخذ الزيادة على ذلك ربا .

وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة" .

انتهى من "المغني" (6/436) .

الطريقة الثانية :

أن يشتري المكتب البيت من البائع نقدا، ثم يبيعه على المشتري بالتقسيط ، وهذه الطريقة جائزة إذا توفرت فيها شروط ، وهي :

أن تخلو المعاملة من اشتراط أي زيادة في الأقساط إذا تأخر المشتري في السداد ، لأن هذا هو ربا الجاهلية المجمع على تحريمه بين العلماء .
أن لا تبيع الشركة البيت على المشتري إلا بعد أن تشتريه فعلا من البائع ، وتقبضه قبضا حقيقيا .

والقبض في العقار : يكون برفع يد البائع عنه ، والتخلية بينه وبين المشتري ، ينتفع به ، ويتصرف فيه بما شاء من وجوه التصرف .

فإن باعته الشركة قبل شرائه : فقد باعت ما لا تملك . وهو محرم .

وإن باعته بعد شرائه ، وقبل قبضه : فقد باعت ما لم يدخل في حيازتها ، وتحت تصرفها : وهو محرم أيضا .

عن حكيم بن حزام، قال : " يَا رَسُولَ اللَّهِ ، يَأْتِينِي الرَّجُلُ فَيُرِيدُ مِنِّي الْبَيْعَ لَيْسَ عِنْدِي ، أَفَأَبْتَاعُهُ لَهُ مِنْ السُّوقِ ؟ فَقَالَ: ( لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ )" رواه أبو داود (3503)، الترمذي (1232) ، النسائي (4613) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (5/132).

قال ابن قدامة رحمه الله تعالى:

" ولا يجوز أن يبيع عينا لا يملكها، ليمضي ويشتريها، ويسلمها ، وهو قول الشافعي، ولا نعلم فيه مخالفا؛ لأن حكيم بن حزام – الحديث - ..." انتهى  من "المغني" (6 / 296).

وتكون المعاملة في هذه الحالة حيلة على الربا ، لأن الصورة بيع ، ولكن حقيقتها ربا .

وفي الصحيحين من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ) رواه البخاري (2133) ، ومسلم (1525) وزاد : قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : وَأَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ بِمَنْزِلَةِ الطَّعَامِ " .

أي : أن هذا النهي ليس خاصا بالطعام ، بل أي شيء لا يجوز لمن اشتراه أن يبيعه حتى يقبضه .

وهذا الذي فهمه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما باجتهاده ، قد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على صحته ، وأن الحكم عام في الطعام وغيره ، فلا يجوز بيع شيء حتى يقبضه البائع ويدخل في حيازته .

ففي بعض ألفاظ حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه : أنه قَالَ للرسول صلى الله عليه وسلم : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي أَشْتَرِي بُيُوعًا ، فَمَا يَحِلُّ لِي مِنْهَا وَمَا يُحَرَّمُ عَلَيَّ ، قَالَ : (فَإِذَا اشْتَرَيْتَ بَيْعًا فَلَا تَبِعْهُ حَتَّى تَقْبِضَهُ) رواه أحمد (15399) ، والنسائي (4613) ، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (342).

وروى أبو داود (3499) عن زيد بن ثابت رضي الله عنه : " أن النبي صلى الله عليه نَهَى أَنْ تُبَاعَ السِّلَعُ حَيْثُ تُبْتَاعُ، حَتَّى يَحُوزَهَا التُّجَّارُ إِلَى رِحَالِهِمْ " وصححه ابن حبان ، والحاكم ، وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود" .

وينبني على هذا الشرط : أنه لا يجوز عقد البيع بين المكتب والمشتري ، قبل شراء المكتب للبيت ، كما لا يجوز إلزام المشتري بالشراء ، بأن يؤخذ منه مقدم أو عربون أو مبلغ من المال لضمان شرائه البيت وعدم رجوعه .

فإذا توفر الشرطان المذكوران : فالمعاملة جائزة ؛ حتى وإن كان المكتب يمول شراءه لهذه المنازل من القروض الربوية من البنوك ؛ فإن ذلك لا يمنع صحة البيع والشراء معه ؛ وإثم القرض الربوي على المكتب ، وفساده عليه ؛ غير أن ذلك لا يمنع شراء المنزل منه .

وإن تخلف أي من الشرطين المذكورين : لم تصح المعاملة معه .

وينظر لمزيد الفائدة والتفصيل الأسئلة (140603)، (36408)، (216813)، (229091) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب