الحمد لله.
إذا كانت الغنم مائة وعشرين ففيها شاة واحدة .
فإذا زادت واحدة وصارت مائة وإحدى وعشرين ، ففيها شاتان .
وإذا كان القطيع فيه صغير وكبير ، فإن الصغير يعد في حساب زكاة ، ولكنه لا يجوز إخراجه، فلا تخرج إلا كبيرة ، وهي الجذعة ، وهي من الضأن ما تم له ستة أشهر ، ومن المعز ما تم له سنة .
فالصغيرة تحتسب في نصاب الزكاة ، ولا تؤخذ فيها .
دليل ذلك حديث سُوَيدِ بنِ غَفَلةَ رضي الله عنه ، قال: (أتانا مُصَدِّقُ النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فأتيتُه فجلَسْتُ إليه فسمِعْتُه يقول: إنَّ في عهدي أنْ لا نأخُذَ راضعَ لَبَنٍ..) رواه أبو داود (1579) ، والنسائي (2457) وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود" (5/298) .
وعن سُفيانَ بنِ عبدِ الله الثَّقَفي، أنَّ عمَرَ بنَ الخطَّاب رَضِيَ اللهُ عنه، قال: (نَعَم، تَعُدُّ عليهم بالسَّخْلةِ يَحمِلُها الرَّاعي، ولا تأخُذْها ... وتأخُذُ الجذَعةَ والثَّنيَّةَ) رواه مالك (2/372) برقم (909) ، والبيهقي (6/47) برقم (7956) .
وقال ابن قدامة رحمه الله:
"وَلَا يُجْزِئُ فِي الْغَنَمِ الْمُخْرَجَةِ فِي الزَّكَاةِ إلَّا الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ، وَالثَّنِيُّ مِنْ الْمَعْزِ، وَكَذَلِكَ شَاةُ الْجُبْرَانِ، وَأَيَّهُمَا أَخْرَجَ أَجْزَأَهُ.
وَلَا يُعْتَبَرُ كَوْنُهَا مِنْ جِنْسِ غَنَمِهِ، وَلَا جِنْسِ غَنَمِ الْبَلَدِ" "المغني" (2/431) .
وقال في "المبدع" (2/303) :
"(...إِلَّا نِتَاجَ السَّائِمَةِ، وَرِبْحَ التِّجَارَةِ، فَإِنَّ حَوْلَهُمَا حَوْلُ أَصْلِهِمَا)... لِقَوْلِ عُمَرَ: اعْتَدَّ عَلَيْهِمْ بِالسَّخْلَةِ، وَلَا تَأْخُذْهَا مِنْهُمْ. رَوَاهُ مَالِكٌ . وَلِقَوْلِ عَلِيٍّ: عُدَّ عَلَيْهِمُ الصِّغَارَ وَالْكِبَارَ .
وَلَا يُعْرَفُ لَهُمَا مُخَالِفٌ فِي الصَّحَابَةِ .
وَلِأَنَّ السَّائِمَةَ يَخْتَلِفُ وَقْتُ وِلَادَتِهَا، فَإِفْرَادُ كُلِّ وَاحِدَةٍ يَشُقُّ، فَجُعِلَتْ تَبَعًا لِأُمَّاتِهَا .
وَلِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لَهَا فِي الْمِلْكِ، فَتتْبَعُهَا فِي الْحَوْلِ" انتهى من "المبدع" (2/303) .
ثانيا :
الواجب في إخراج الزكاة أن تكون من وسط ماله ؛ فلا يلزمه أن يخرج نفيس المال وكَريمه ، إلا أن يتبرع به ، وتطبيب به نفسه .
ولا يجوز أن يخرج رذله ورديئه . لا تكون من نفيس المال ولا من رديئه .
بل يخرج زكاته من وسط المال ، لا العزيز الكريم ، ولا الرذال الحقير .
والتوسط في الغنم : أن يخرج شاة كبيرة ولكنها وسط في القيمة بين الصغار والكبار ، فإن كان نصف أغنامه صغارا ونصفها الآخر كبارا ، وكان متوسط قيمة الأغنام الصغيرة التي يملكها مائة ريال، مثلا، ومتوسط قيمة الكبيرة مائتين، فيخرج عن الجميع جذعة تبلغ قيمتها مائة وخمسين .
قال في "مطالب أولي النهى" (2/42) :
"(وَإِنْ اجْتَمَعَ) فِي نِصَابٍ (كِبَارٌ وَصِغَارٌ ، وَصِحَاحٌ وَمَعِيبَاتٌ ، وَذُكُورٌ وَإِنَاثٌ، لَمْ يُؤْخَذْ إلَّا أُنْثَى صَحِيحَةٌ كَبِيرَةٌ ، عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ الْمَالَيْنِ) ، أَيْ: الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ، أَوْ الصِّحَاحِ وَالْمَعِيبَاتِ، أَوْ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ .
لِلنَّهْيِ عَنْ أَخْذِ الصَّغِيرِ وَالْمَعِيبِ ، وَالْكَرِيمَةِ، لِقَوْلِهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَكِنْ مِنْ وَسَطِ أَمْوَالِهِمْ .
وَلِتَحْصِيلِ الْمُوَاسَاةِ، ( فَلَوْ كَانَ قِيمَةُ مُخْرَجٍ ، مَعَ كَوْنِ نِصَابِ كُلِّهِ كِبَارًا صِحَاحًا = عِشْرِينَ، وَقِيمَتُهُ مَعَ كَوْنِهِ كُلِّهِ صِغَارًا مِرَاضًا = عَشَرَةً، وَكَانَ) النِّصَابُ نِصْفَيْنِ، (نِصْفُهُ مِنْ ذَا) ، أَيْ: الْكِبَارِ الصِّحَاحِ، (وَنِصْفُهُ مِنْ ذَا) ، أَيْ: مِنْ الصِّغَارِ الْمِرَاض : (وَجَبَ إخْرَاجُ : كَبِيرَةٍ ، صَحِيحَةٍ، قِيمَتُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ)" انتهى .
والخلاصة :
تعد الصغيرة على المالك ، ولا يجوز له إخراجها في الزكاة ، وإنما يخرج كبيرة ، وتكون قيمتها وسطا كما سبق بيانه .
والله أعلم .
تعليق