الحمد لله.
أولا:
من أدخل في إحليله ماء أو دهنا أو غيره، ثم خرج، فإنه يكون نجسا ناقضا للوضوء.
قال ابن قدامة رحمه الله: " وإن قطر في إحليله دهنا، ثم عاد فخرج نقض الوضوء؛ لأنه خارج من السبيل، ولا يخلو من بلة نجسة تصحبه فينتقض بها الوضوء، كما لو خرجت منفردة" انتهى من المغني (1/ 125).
وهذا إذا دخل الماء إلى شيء من الباطن، بحيث يعد خروجه بعد ذلك خروجا من السبيل.
وأما إذا وقع على فتحة الذكر الطاهرة، ولم يتجاوزها للباطن، فلا يؤثر.
وما ذكرته لا يعدو أن يكون وسوسة، فإنه من العسير أن يدخل الماء إلى باطن الذكر ، إلا إذا تعمد الشخص إدخال ذلك ، وتكلفه بنفسه !!
وعلى فرض حدوث ذلك، فإنك تقضي حاجتك بعد الغسل، وتستنجي بالماء، بأن تغسل رأس الذكر دون فتح أو تفتيش، ولا تكلّف غير ذلك، وإلا فتحت على نفسك بابا للوسوسة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "مجموع الفتاوى" (21/106): " وتفتيش الذكر بإسالته وغير ذلك : كل ذلك بدعة ليس بواجب ولا مستحب عند أئمة المسلمين ، بل وكذلك نتر الذكر بدعة على الصحيح لم يَشرع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وكذلك سلت البول بدعة لم يشرع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم . والحديث المروي في ذلك ضعيف لا أصل له ، والبول يخرج بطبعه ، وإذا فرغ انقطع بطبعه ، وهو كما قيل : كالضرع إن تركته قر ، وإن حلبته در .
وكلما فتح الإنسان ذكره فقد يخرج منه ، ولو تركه لم يخرج منه . وقد يخيل إليه أنه خرج منه وهو وسواس .
وقد يحس من يجده برداً لملاقاة رأس الذكر ، فيظن أنه خرج منه شيء ولم يخرج .
والبول يكون واقفا محبوسا في رأس الإحليل لا يقطر ، فإذا عصر الذكر أو الفرج أو الثقب بحجر أو أصبع ، أو غير ذلك ، خرجت الرطوبة ، فهذا أيضا بدعة ، وذلك البول الواقف لا يحتاج إلى إخراج باتفاق العلماء لا بحجر ولا أصبع ولا غير ذلك ، بل كلما أخرجه جاء غيره فإنه يرشح دائما ، والاستجمار بالحجر كافٍ لا يحتاج إلى غسل الذكر بالماء ، ويستحب لمن استنجى أن ينضح على فرجه ماء ، فإذا أحس برطوبة قال : هذا من ذلك الماء " انتهى .
ثانيا:
الماء المتبقي على الذكر بعد تطهيره محكوم بطهارته؛ لأن الماء المنفصل عن النجاسة بعد تطهيرها طاهر.
ثالثا:
ينبغي بعد استنجائك أن تنضح ملابسك الداخلية بالماء، فإذا وجدت بللا بعد ذلك حملته على هذا.
وقد روى ابن ماجه (464) عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَضَحَ فَرْجَهُ . صححه الألباني في صحيح ابن ماجه .
قال ابن قدامة رحمه الله: " ويستحب أن ينضح على فرجه وسراويله؛ ليزيل الوسواس عنه.
قال حنبل: سألت أحمد قلت: أتوضأ وأستبرئ، وأجد في نفسي أني قد أحدثت بعد، قال: إذا توضأت فاستبرئ، وخذ كفا من ماء فرشه على فرجك، ولا تلتفت إليه، فإنه يذهب إن شاء الله" انتهى من المغني (1/ 115).
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (4/125): " ذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ : أَنَّهُ إذَا فَرَغَ مِنْ الاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ اسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يَنْضَحَ فَرْجَهُ أَوْ سَرَاوِيلَهُ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَاءِ , قَطْعًا لِلْوَسْوَاسِ , حَتَّى إذَا شَكَّ حَمَلَ الْبَلَلَ عَلَى ذَلِكَ النَّضْحِ , مَا لَمْ يَتَيَقَّنْ خِلافَهُ " انتهى.
والذي بدا لنا من أسئلتك أنك مصاب بداء الوسواس ، عافاك الله الكريم بمنه ، فانشغل قدر إمكانك عن هذه الوساوس ، وتعوذ بالله منها ، وننصحك أن تعرض نفسك على طبيب مختص ، فإن هذا الوسواس داء ، كسائر الأدواء ، فلو جمعت في علاجه بين الطب ، وعلاج التعوذات والرقى ، والعلاج السلوكي عند من يفهم ذلك : فهو خير لك ، وأرجى لشفائك منه، إن شاء الله .
والله أعلم.
تعليق