السبت 22 جمادى الأولى 1446 - 23 نوفمبر 2024
العربية

حكم استعمال الأحذية والحقائب المصنوعة من جلود الميتات وشحومها

273379

تاريخ النشر : 12-09-2017

المشاهدات : 13277

السؤال

لدي حقيبة مصنوعة من الجلد ، وقد تواصلت مع الشركة المصنعة (نايك) عبر البريد الإلكتروني بخصوص المادة التي صُنعت منها الحقيبة ، وقد أبلغوني أنها صنعت من البوليريثين وهو مادة إسفنجية متينة ، لذا لا يوجد في هذا المنتج المعين أي منتجات حيوانية مستخدمة ، ومع ذلك فقد ذكروا فيما يتعلق بالمنتجات الأخرى على موقع Nike.com أن استخدامات اللصق تكون من مواد لاصقة ، وموادهم اللاصقة نباتية في الأساس ، ولكنها تحتوي أحيانًا شيئًا ما يُسمى حمض الستياريك ، ويمكن أن يكون حمض السيتاريك مأخوذًا من النبات أو الحيوانات ، ولا نحدد أيهما يجب استخدامه ، لذلك لا يمكننا أن نضمن أن حذاءً معينًا خاليًا من المواد الحيوانية بنسبة 100% ، وقد اشتريت حذاءً من شركةٍ أخرى ، واستعلَمتُ عن المادة التي صُنِع منها الحذاء (جلد البقر) وهي جائزة في الإسلام ، ومع ذلك فبناءً على ما أخبرتني به شركة نايك بخصوص استخدام مواد لاصقة تحتوي على حمض الستياريك ، فأنا لست واثقًا مما إذا كان هذا الحذاء من هذه الشركة الأخرى يحتوي على هذا الحمض أيضًا في شكل مادة لاصقة في أثناء التصنيع ، وعند مراسلة هذه الشركة لم تذكر الشركة استخدام حمض الستياريك أو أي مادة لاصقة تحتوي على منتجات حيوانية عند تصنيع الحذاء، فهل يجوز ارتداء هذه الأحذية المستخدم فيها مادة لاصقة تحتوي على حمض الستيريك المأخوذ من دهون الحيوانات (الخنازير، البقر، الخراف) ؟ على الرغم من أن هذه الدهون تُحوَّل من خلال تفاعل كيميائي إلى حمض الستياريك. فهل يصبح حمض الستياريك طاهرًا من خلال التفاعل الكيميائي ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

يباح استعمال الأحذية والحقائب المصنوعة من جلود البقر وما يحل أكله، سواء ذبح أو مات حتف أنفه إذا دبغ.

فقد روى مسلم (366) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِذَا دُبِغَ الْإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ

 وروى مسلم (363) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: تُصُدِّقَ عَلَى مَوْلَاةٍ لِمَيْمُونَةَ بِشَاةٍ فَمَاتَتْ فَمَرَّ بِهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: هَلَّا أَخَذْتُمْ إِهَابَهَا فَدَبَغْتُمُوهُ فَانْتَفَعْتُمْ بِهِ؟ فَقَالُوا: إِنَّهَا مَيْتَةٌ فَقَالَ: إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا.

وعن ميمونة رضي الله عنها قالت : مَرَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ يَجُرُّونَ شَاةً لَهُمْ مِثْلَ الْحِمَارِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ أَخَذْتُمْ إِهَابَهَا قَالُوا: إِنَّهَا مَيْتَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يُطَهِّرُهَا الْمَاءُ وَالْقَرَظُ رواه أبوداود (4126) والنسائي (4248). وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم 2163

والدبغ يحصل بكل شيء ينشف فضلات الجلد ، ويطيبه ، ويمنع من ورود الفساد عليه ، ومن ذلك القَرَظ وقشور الرمان وغير ذلك من الأدوية الطاهرة.

وينظر: سبل السلام (1/ 107).

وقد اختلف العلماء فيما يطهره الدباغ من جلود الميتات، فمنهم من خص ذلك بميتة مأكول اللحم، ومنهم من خصه بميتة الحيوانات الطاهرة في الحياة، ومنهم من رأى أنه يطهر جميع جلود الميتات، ومنهم من استثنى جلد الكلب والخنزير.

ورجح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أن " كل حيوان مات وهو يؤكل فإن جلده يطهر بالدباغ " الشرح الممتع (1/ 75).

واحتج لذلك بما جاء في بعض ألفاظ الحديث : ( دِبَاغُهَا ذَكَاتُهَا ) رواه أحمد والنسائي وصححه ابن حجر في التلخيص الحبير (1/ 49).

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " ومعلوم أن الذكاة لا تطهر إلا ما يباح أكله ، فلو أنك ذبحت حمارا وذكرت اسم الله عليه ، وأنهر الدم ، فإنه لا يسمى ذكاة .

وعلى هذا نقول : جلد ما يحرم أكله ولو كان طاهرا في الحياة [كالهرة ] فإنه لا يطهر بالدباغ" انتهى.

 وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن لبس المعاطف الجلدية المصنوعة من جلود الخنازير ؟

فأجاب :

" لا شك أن ما دبغ من جلود الميتة التي تحل بالذكاة كالإبل والبقر والغنم طهور ، يجوز استعماله في كل شيء ، في أصح أقوال أهل العلم.

أما جلد الخنزير والكلب ونحوهما مما لا يحل بالذكاة ففي طهارته بالدباغ خلاف بين أهل العلم ، والأحوط ترك استعماله ، عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم " من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه " ، وقوله عليه الصلاة والسلام " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك "" انتهى من فتاوى ابن باز (6/ 354).

ثانيا:

لا حرج في استعمال هذه المصنوعات ولو اشتملت على مادة لاصقة مأخوذة من مصدر حيواني محرم كدهن الميتة أو الخنزير، ما دامت تعالج بالمواد الكيميائية، وتتحول إلى مادة أخرى مغايرة لها في الصفات؛ فإن الاستحالة مطهرة كما بيناه في أجوبة عدة، ينظر منها: جواب السؤال رقم (97541).

على أنه ينبغي للمسلم أن لا يشدد على نفسه ، وقد يصل به الأمر إلى الوسوسة والشك في حل كل شيء ، بل يبني على الأصل ، وهو الحل والإباحة والطهارة ، ويترك البحث والتنقيب والاستقصاء ، إلا في الأشياء التي يقوى فيها الشك ، ويغلب على الظن أنها غير مشروعة ، ولم يكن للصحة والسلامة فيها وجه معتبر ، ولا مذهب معتمد من مذاهب أهل العلم .

وفيما عدا ذلك ، فينبغي عليه أن يغلب جانب السلامة ، ويدع الوساوس ؛ وإلا أوقع نفسه في حرج ، وشدد على نفسه ، وأدخل عليها المكاره . 

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب