الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

هل للحنبلي أن يحجم صائما لا يرى للفطر بالحجامة ؟

273415

تاريخ النشر : 03-10-2017

المشاهدات : 39808

السؤال

أنا امرأة أقوم بعمل الحجامة للنساء ، وحسب علمي أن الحجامة تفطر في رمضان لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( أفطر الحاجم والمحجوم)، لكن ماذا لو كنت مفطرة لعذر شرعي ، وطلبت مني امرأة تتبع المذهب الشافعي (وهو أن الحجامة لا تفطر)، هل آثم إذا قمت بعمل الحجامة لها مع كونها صائمة ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

اختلف الفقهاء في الحجامة هل تفطّر الصائم أم لا، على قولين مشهورين:

الأول: أنها تفطر الصائم، وإليه ذهب الحنابلة، وجماعة من السلف. واحتجوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ) رواه أبو داود (2367) وابن ماجه (1679)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (2047).

وهذا القول رجحه جماعة من أهل العلم، وأفتت به اللجنة الدائمة، والشيخ ابن عثيمين رحمه الله، وهو المفتى به في موقعنا.

والثاني: أنها لا تفطر الصائم، وإليه ذهب جمهور الفقهاء.

ثانيا:

إذا كنت ترين القول بأن الحجامة مفطرة، فليس لك أن تحجمي صائمة ، ولو كانت هي على مذهب من لا يفطّر بالحجامة؛ لأنك تفعلين سببا يقتضي التفطير في اعتقادك، وتفطير الصائم –من غير عذر- لا يجوز، فيكون هذا من مباشرة السبب المحرم.

وقد قرر الفقهاء نحوا من ذلك، في تعاون من يرى إباحة فعل ، مع من يرى تحريمه، أو العكس.

قال الرملي في نهاية المحتاج (10/ 217): " نعم محلها [أي إباحة اللعب بالشطرنج] : إن لعب مع معتقد حله . وإلا : حرم، كما رجحه السبكي والأذرعي والزركشي وغيرهم ، وهو ظاهر؛ لأنه يعينه على معصية، حتى في ظن الشافعي؛ لأنا نعتقد أنه يلزمه العمل باعتقاد إمامه...

ولأنه ، أعني الشافعي ، يلزمه الإنكار عليه ، لما مر : أن من فعل ما يعتقد حرمته ، يجب الإنكار عليه، ولو ممن يعتقد إباحته .

وبهذا يندفع ما وقع لبعضهم من النزاع في ذلك" انتهى.

وقال في حاشته على أسنى المطالب (3/ 343) : "(قَوْلُهُ أَوْ لَعِبَ مَعَ مُعْتَقِدِ التَّحْرِيمِ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِعَانَةِ عَلَى انْتِهَاكِ الْحُرْمَةِ ، وَالْجَرَاءَةِ .

قَالَ السُّبْكِيُّ : وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ تَبَايَعَ رَجُلَانِ وَقْتَ النِّدَاءِ ، أَحَدُهُمَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ ، وَالثَّانِي لَا تَلْزَمُهُ ؛ فَإِنَّ الصَّحِيحَ الْمَنْصُوصَ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِمَا . وَتَبِعَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمَا .

لَكِنَّ مَسْأَلَتَنَا أَخَفُّ ؛ فَإِنَّ تَحْرِيمَ الْبَيْعِ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ مَعْلُومٌ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُ ، وَتَحْرِيمَ لَعِبِ الشِّطْرَنْجِ غَيْرُ مَعْلُومٍ عِنْدَنَا وَلَا عِنْدَهُ ، وَإِنَّمَا الْحَرَامُ فِعْلُهُ مَعَ اعْتِقَادِ حُرْمَتِهِ . وَهَذَا الْمَجْمُوعُ لَمْ تَحْصُلْ الْمُعَانَةُ عَلَيْهِ ، إنَّمَا حَصَلَتْ عَلَى مَعْصِيَةٍ" انتهى.

لكن إن كانت الحجامة من أجل مرض موجود ، أو يتوقع حدوثه لو تأخر عملها ، ولا يمكن تأجيلها إلى بعد الإفطار : فهذا عذر للإفطار، ولا حرج عليك في عمل الحجامة حينئذ؛ لأنها إعانة على الفطر الجائز.

أما إذا أمكن تأجيلها بعد الإفطار، أو لم تكن من أجل مرض موجود ، أو يتوقع حدوثه، لو تأخر عملها ، وإنما هي عادة للمحجوم، فهنا يقال: لا يجوز للحاجم الذي يعتقد أنها مفسدة للصيام ، أن يعملها لغيره.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب