(كُلُّ سُلاَمَى عَلَيْهِ صَدَقَةٌ)، هل السُّلامى هي المفاصل بين العظام؟

الحمد لله.

عن عَائِشَةَ، قالت: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( إِنَّهُ خُلِقَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَنِي آدَمَ عَلَى سِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةِ مَفْصِلٍ، فَمَنْ كَبَّرَ اللهَ، وَحَمِدَ اللهَ، وَهَلَّلَ اللهَ، وَسَبَّحَ اللهَ، وَاسْتَغْفَرَ اللهَ، وَعَزَلَ حَجَرًا عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ، أَوْ شَوْكَةً أَوْ عَظْمًا عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ، وَأَمَرَ بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهَى عَنْ مُنْكَرٍ، عَدَدَ تِلْكَ السِّتِّينَ وَالثَّلَاثِمِائَةِ السُّلَامَى، فَإِنَّهُ يَمْشِي يَوْمَئِذٍ وَقَدْ زَحْزَحَ نَفْسَهُ عَنِ النَّارِ ) رواه مسلم (1007).

ورواه أبو داود (5242)، والإمام أحمد في المسند (38/104) من حديث عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي بُرَيْدَةَ، يقول: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: ( فِي الْإِنْسَانِ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَسِتُّونَ مَفْصِلًا، فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَنْ كُلِّ مَفْصِلٍ مِنْهُ بِصَدَقَةٍ ).

والمفصل في اللغة العربية التي جاء بها الوحي هي ملتقى العظام في الجسم.

جاء في “القاموس المحيط” (ص 1042):

” الفصل: الحاجز بين الشيئين، وكل ملتقى عظمين من الجسد،كالمفصل ” انتهى.

وحديث عائشة رضي الله عنها هذا يفسر حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ( كُلُّ سُلاَمَى عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، كُلَّ يَوْمٍ: يُعِينُ الرَّجُلَ فِي دَابَّتِهِ، يُحَامِلُهُ عَلَيْهَا، أَوْ يَرْفَعُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ، وَكُلُّ خَطْوَةٍ يَمْشِيهَا إِلَى الصَّلاَةِ صَدَقَةٌ، وَدَلُّ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ ) رواه البخاري (2891)، ومسلم (1009).

فيكون المراد بالسلامى هنا المفاصل ، وقد ذهب إلى هذا جماعة من أهل العلم؛ ومن ذلك قول العراقي رحمه الله تعالى:

” والصواب أن السلامى هي المفاصل، وأنها ثلاثمائة وستون مفصلا كما ثبت ذلك مبينا في صحيح مسلم من حديث عائشة … فبين في حديث عائشة هذا أن السلامى هي المفاصل ” انتهى. “طرح التثريب” (2/302).

وكذا قال النووي في “شرح صحيح مسلم” (3/47) ، والحافظ ابن حجر في فتح الباري (3/308). وعلى هذا، فالحديث يدل على أن جسم الإنسان يحتوي على ثلاث مائة وستين مفصلا.

فإذا كان هناك بحث لأحد المتخصصين ، يؤكد ما جاء في هذا الحديث ، فلا حرج من نشره وعرضه على الناس لتطمئن قلوبهم ويزداد يقينهم؛ وما زال أهل العلم ينقلون كلام الأطباء عند كلامهم على بعض النصوص التي لها تعلق بالطب بوجه من الوجوه.

وينبغي في مثل هذا ألا ينقل المسلم إلا عن أهل الاختصاص الثقات المتمكنين في عملهم ، حتى يكون لكلامهم شيء كبير من المصداقية والقبول .

والله أعلم.