الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

جامع زوجته في نهار رمضان، تحت تأثير المخدرات

279524

تاريخ النشر : 18-10-2017

المشاهدات : 7814

السؤال

أنا متزوج ، وكنت أعاني من إدمان المخدرات ، والحمد لله ، تاب الله علي ، وتعالجت ، سؤالي : أنا جامعت زوجتي في نهار رمضان لما يقارب عشرة أيام أو أكثر ، وأنا في حالة غير طبيعية بسبب تعاطي المخدرات ، ولا أستطيع الصيام عن كل يوم شهرين ، فهل يحق لي الإطعام ؟ وماذا أفعل لأبرأ ذمتي ، وأنا تبت ، ونادم كل الندم ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

نهنئك أخي الكريم؛ على توبتك، وعلى شفائك من هذه المخدرات الخبيثة، ونسأل الله تعالى لنا ولكم ولجميع المسلمين الثبات على طاعة الله تعالى حتى نلقاه وهو راض عنا.

ثانيا:

من جامع في نهار رمضان متعمدا فقد أفسد صومه.

قال ابن قدامة رحمه الله تعالى:

" لا نعلم بين أهل العلم خلافا، في أنّ من جامع في الفرج فأنزل أو لم ينزل، أو دون الفرج فأنزل، أنه يفسد صومه، وقد دلت الأخبار الصحيحة على ذلك " انتهى، من "المغني" (4 / 372).

ومن أفسد صومه في رمضان بجماع فيلزمه أمران:

الأمر الأول: قضاء ذلك اليوم.

لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الذي جامع في نهار رمضان بصوم يوم بدل ذلك اليوم؛ حيث قال له: ( وَصُمْ يَوْمًا، وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ ) رواه أبو داود (2393)، وابن ماجه (1671)، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (4 / 93).

قال النووي رحمه الله تعالى:

" يجب علي المكفر مع الكفارة قضاء اليوم الذي جامع فيه، هذا هو المشهور من مذهبنا وفيه خلاف سبق، قال العبدري وبإيجاب قضائه قال جميع الفقهاء سوى الأوزاعي ... " انتهى، من"المجموع" (6 / 344 - 345).

الأمر الثاني: الكفارة.

عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: ( بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ.

قَالَ: مَا لَكَ؟

قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟

قَالَ: لاَ.

قَالَ: فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ؟

قَالَ: لاَ.

فَقَالَ: فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟

قَالَ: لاَ.

قَالَ: فَمَكَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ فِيهَا تَمْرٌ – وَالعَرَقُ: المِكْتَلُ - قَالَ: أَيْنَ السَّائِلُ؟

فَقَالَ: أَنَا.

قَالَ: خُذْهَا، فَتَصَدَّقْ بِهِ ... ) رواه البخاري (1936) ومسلم (1111).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" الجماع في الفرج يوجب الكفارة، وهذا كالمجمع عليه، ليس فيه إلا خلاف شاذ " انتهى، من "شرح العمدة" (4 / 284).

والكفارة أشار حديث أبي هريرة السابق أنها على الترتيب، فعلى المجامع عتق رقبة، فإذا لم يستطع ذلك فعليه صوم شهرين متتابعين، فإذا لم يستطع فعليه أن يطعم ستين مسكينا.

وهذا الذي عليه جمهور أهل العلم.

قال ابن المنذر رحمه الله تعالى:

" واختلفوا في الكفارة التي تجب على من جامع في نهار الصوم.

فقالت طائفة: يعتق رقبة، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكيناً، هذا قول سفيان الثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وأبي ثور، والنعمان، وصاحبيه " انتهى، من "الإشراف" (3 / 121).

ثانيا:

والذي يتناول أو يشرب في رمضان ما يغيب العقل ، ثم يجامع زوجته : فلا تسقط عنه الكفارة بحجة أنه  كان تحت تأثير المسكر، بل العلة من الكفارة باقية في حقه ، فهو انتهك حرمة الشهر بالجماع وانضم إليه الأكل المحرم، فجرمه أعظم ؛ وقد خوطب في صحوه بأن يبتعد عن سبب السكر المحرم ، فلم يفعل ، فعوقب بما فعل .

وينظر : مجموع الفتاوى (33/103، 108) ، وأيضا :  "إعلام الموقعين" (5 / 196).

ثالثا:

الزوجة إذا كان الصوم واجبا عليها في تلك الأيام وطاوعته في الجماع مع علمها بعدم جوازه فعليها هي أيضا القضاء والكفارة عن تلك الأيام.

وأما إذا كانت مكرهة أو كان الصوم لا يجب عليها في تلك الأيام، أو كانت جاهلة؛ بأن  كانت تظن أنه يجب طاعة الزوج في هذا، ففي هذه الحالة ليس عليها كفارة.

وقدم سبق بسط هذا في الفتوى رقم (106532).

فالحاصل؛ أن عليك كفارة هذه الأيام التي جامعت فيها، وإذا لم تقدر على العتق، وكان بك عذر لا تستطيع معه صوم الكفارة، فعليك بإطعام ستين مسكينا عن كل يوم جامعت فيه وتقضي ذلك اليوم.

ومقدار الإطعام سبق بيانه في الفتوى رقم (106535).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب