الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

كيفية الجمع بين حديث بول النبي صلى الله عليه وسلم في إناء وتركه بالليل ، وحديث نهيه عن نقع البول في الإناء

281198

تاريخ النشر : 03-11-2017

المشاهدات : 41674

السؤال

أشكل علي حديثان ، وأريد الإجابة عن كيفية الجمع بينهما ، وهما قول النبي صلى الله عليه وسلم :( لا ينقع بول في طست في البيت فإن الملائكة لا تدخل بيتا فيه بول منتقع ولا تبولن في مغتسلك ) "السلسلة الصحيحة" حديث رقم:(2516) . وحديث : " كان للنبي صلى الله عليه وسلم قدح من عيدان تحت سريره يبول فيه بالليل) "صحيح الجامع "(4832) .

ملخص الجواب

ملخص الجواب :   لا تعارض بين الحديثين ، وأن النهي محمول على ترك البول في الإناء زمنا طويلا ، وهو المراد بالنقع ، وأما مجرد البول في الإناء ثم رميه بعد ذلك بزمن يسير فلا إشكال فيه .

الجواب

الحمد لله.

أما الحديث الأول :

فقد أخرجه أبو داود في "سننه" (24) ، والنسائي في "سننه" (32) ، وابن حبان في "صحيحه" (1426) ، والحاكم في "المستدرك" (594) ، من حديث حُكَيمَةَ بنتِ أُمَيمَةَ بنتُ رُقَيقة عن أُمِّها أنَّها قالت:" كان للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَدَحٌ من عَيْدانٍ تحتَ سَريرِهِ يبولُ فيه باللَّيل ".

والحديث حسنه النووي في "الإيجاز في شرح سنن أبي داود" (ص155) ، وصححه الشيخ الألباني في "صحيح أبي داود" (19) .

وأما الحديث الثاني :

فقد أخرجه الطبراني في "الأوسط" (2077) من حديث عبد الله بن يزيد ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( لَا يُنْقَعُ بَوْلٌ فِي طَسْتِ فِي الْبَيْتِ ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ بَوْلٌ يُنْقَعُ ، وَلَا تَبُولَنَّ فِي مُغْتَسَلِكَ ) .

والحديث حسنه الهيثمي في "مجمع الزوائد" (999) ، وجود إسناده الحافظ ولي الدين العراقي كما في "حاشية السيوطي على النسائي" (1/14) ، وصحح سنده الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2516) .

ولا تعارض بين الحديثين من حيث المعنى :

حيث أن الحديث الأول يدل على جواز البول في الإناء وتركه فترة الليل ، وهذا لا خلاف في جوازه ، وإنما الخلاف في كراهته لغير الحاجة .

قال النووي في "الإيجاز في شرح سنن أبي داود" (ص155) :" باب: في الرجل يبول بالليل في الإناء ، ثم يضَعُه عنده . يعني: باب جوازه ، وإنما الرجل بمعنى الشخص ، لا للاحتراز من المرأة ، فهي كهو في جوازه ، وسواء في جواز ذلك الليل والنهار ، لكن الأولى اجتنابه بالنهار من غير حاجة ". انتهى

وقال البهوتي في "منتهى الإرادات" (1/35) :" (وَ) يُكْرَهُ بَوْلُهُ فِي ( إنَاءٍ بِلَا حَاجَةٍ ) نَصًّا ، فَإِنْ كَانَتْ لَمْ يُكْرَهْ ، لِقَوْلِ أُمَيْمَةَ بِنْتِ رَقِيقَةَ عَنْ أُمِّهَا كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدَحٌ مِنْ عَيْدَانٍ تَحْت سَرِيرِهِ يَبُولُ فِيهِ بِاللَّيْلِ . انتهى.

وقال الشوكاني في "نيل الأوطار" (1/115) :" وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ إعْدَادِ الْآنِيَةِ لِلْبَوْلِ فِيهَا بِاللَّيْلِ وَهَذَا مِمَّا لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا ". انتهى.

 وأما الحديث الثاني : فينهى فيه النبي صلى الله عليه وسلم عن نقع البول ، ومعناه أن يترك البول في إناء  زمنا طويلا  ، وعلى هذا فيحمل حديث النهي على النقع وطول المكث ، وبهذا جمع أهل العلم بين الحديثين .

قال ابن حجر الهيتمي في "تحفة المنهاج" (1/172) :" وَيُسَنُّ اتِّخَاذُ إنَاءٍ لِلْبَوْلِ فِيهِ لَيْلًا ، نَعَمْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَنْ يُنْقَعَ الْبَوْلُ فِي إنَائِهِ ؛ لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ أَيْ الَّذِينَ لِلرَّحَمةِ وَالزِّيَارَةِ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا هُوَ فِيهِ ". اهـ

وقال الشرواني في "حاشيته على تحفة المنهاج" (1/172) :"  وَلَا يُعَارِضُهُ مَا رَوَاهُ الطَّبَرِاني بِسَنَدٍ جَيِّدٍ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُنْقَعُ بَوْلٌ فِي طَسْتٍ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ بَوْلٌ مُنْقَعٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرَادَ بِالِانْتِقَاعِ طُولُ الْمُكْثِ ، وَمَا جُعِلَ فِي الْإِنَاءِ كَمَا ذُكِرَ لَا يَطُولُ مُكْثُهُ غَالِبًا ، أَوْ أَنَّ النَّهْيَ خَاصٌّ بِالنَّهَارِ وَرُخِّصَ فِيهِ بِاللَّيْلِ ، لِمَا مَرَّ ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ النَّوَوِيِّ : الْأَوْلَى اجْتِنَابُهُ نَهَارًا لِغَيْرِ حَاجَة " انتهى.

وقال المباركفوري في "مرعاة المفاتيح" (2/67) :"  قيل: يعارضه ما رواه الطبراني في الأوسط بسند جيد من حديث عبد الله بن يزيد مرفوعاً :" لا ينقع بول في طست في البيت ، فإن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه بول منتقع ". والجواب لعل المراد بالنقاعة طول مكثه ، وما يجعل في الإناء لا يطول مكثه غالباً. وقال المغلطائي: يحتمل أن يكون أراد كثرة النجاسة في البيت بخلاف القدح فإنه لا يحصل به نجاسة لمكان آخر". انتهى.ـ

فتبين مما سبق أنه لا تعارض بين الحديثين ، وأن النهي محمول على ترك البول في الإناء زمنا طويلا ، وهو المراد بالنقع ، وأما مجرد البول في الإناء ثم رميه بعد ذلك بزمن يسير فلا إشكال فيه .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب