الخميس 20 جمادى الأولى 1446 - 21 نوفمبر 2024
العربية

من ملك أرضا زراعية هل يملك مسيل الماء الذي يأتيها من الجبل؟

281969

تاريخ النشر : 27-10-2018

المشاهدات : 7334

السؤال

هل من ملك أرضا زراعية يملك مسايل الماء الذي يسقيها ، ولو كانت المسافة بعيدة ، فيتحكم في تلك الأرض الواسعة بدعوى أنها حرم لأرضه ، ومجار لمائها ، ومن أراد أن يسكن فيها فلا بد أن يشتري منه ، وإلا عارضه ، وأذاه تحت دعوى أن هذه حرم أرضه الزراعية ، والواقع أن أرضه قد لا تساوي 20% من تلك المساحات التي أمامها ، ويريد أن يتحكم فيها ، ويدعي ملكيتها له بحكم العادة ، ولعدم وجود حاكم ، أو أحد يدعيها ، حتى إنه ليدعي ملك الجبال التى تبعد عنه بدعوى أن الماء يأتيه من قبلها ؟

ملخص الجواب

لا وجه لدعوى صاحب الأرض في مسيل الماء ، ولا ما ذكر ، وينبغي نصحه وتذكيره ، ونهيه عن العدوان على حقوق الناس ، ومنعه من التسلط على ما لا يستحقه ، مع القدرة على ذلك .

الجواب

الحمد لله.

من ملك أرضا زراعية لا يملك مسيل المياه الذي يسقيها، إلا إذا كان ضمن أرض موات أحياها بشق قناة ، أو حفر بئر .

والأرض الموات هي الخالية من الاختصاص ، ومن ملك معصوم .

وإحياؤها يكون بإحاطتها بحائط  منيع ، أو أن يحفر فيها بئرا ويصل لمائها، أو أن يُجري إليها ماء من عين أو نهر.

وينظر بيان ذلك في جواب السؤال رقم : (21375) .

ويدخل في الاختصاص الذي لا يُملك بالإحياء: مرعى أهل البلد، ومصلى عيدهم، ومسيل مياههم.

قال في " كشاف القناع " (4/ 187): "(ولا يُملك بإحياء : ما قرُب) عرفا (من العامر ، وتعلق بمصالحه، كطُرقه ، وفنائه) - ما اتسع أمامه - (ومجتمع ناديه) ، أي جماعته (ومسيل مياهه، ومطرح قمامته، وملقى ترابه و) ملقى (آلاته) التي لا نفع بها (ومرعاه ، ومحتطبه، وحريم البئر، و) حريم (النهر، و) حريم (العين، ومرتكض الخيل) ، أي المحل المعد لركضها (ومدافن الأموات، ومناخ الإبل، والمنازل المعتادة للمسافرين حول المياه، والبقاع المرصدة لصلاة العيدين، و) لصلاة (الاستسقاء، و) لصلاة (الجنائز، و) البقاع المرصدة ل (دفن الموتى) ولو قبل الدفن" انتهى.

فلو أراد أحد أن يتملك مسيل المياه بزعم الإحياء، فليس له ذلك.

ولو ملك أرضا بالإحياء ، أو بغيره ، كالشراء : فإن هذه الأرض لا يكون لها حريم.

والماء المباح(غير المملوك) يشترك الناس فيه، لكن يَسقي الأعلى قبل الأسفل، كما قضى النبي صلى الله عليه وسلم.

فقد روى البخاري (2362) ، ومسلم (2357) : " أَنَّ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ خَاصَمَ الزُّبَيْرَ فِي شِرَاجٍ مِنَ الحَرَّةِ يَسْقِي بِهَا النَّخْلَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( اسْقِ يَا زُبَيْرُ ـ فَأَمَرَهُ بِالْمَعْرُوفِ ـ  ثُمَّ أَرْسِلْ إِلَى جَارِكَ ) فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ ؟

فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: (اسْقِ، ثُمَّ احْبِسْ، حتى يَرْجِعَ المَاءُ إِلَى الجَدْرِ، وَاسْتَوْعَى لَهُ حَقَّهُ ) فَقَالَ الزُّبَيْرُ: " وَاللَّهِ إِنَّ هَذِهِ الآيَةَ أُنْزِلَتْ فِي ذَلِكَ: (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ) النساء/65 " .

قَالَ لِي ابْنُ شِهَابٍ: " فَقَدَّرَتِ الأَنْصَارُ وَالنَّاسُ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( اسْقِ، ثُمَّ احْبِسْ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الجَدْرِ) وَكَانَ ذَلِكَ إِلَى الكَعْبَيْنِ ".

وكون الماء يأتي من الجبل إلى أرضه، فهذا لا يعني أنه يملك مسيل الماء، ولا ما حوله، فضلا عن الجبل!

فينبغي نصح هذا الرجل، وبيان أنه لا يملك إلا أرضه، وأنه ليس له أن يمنع غيره من إحياء الموات إن وجد، وليس له أن يبيع ما لا يملك.

ولعله اشتبه عليه ما يذكره الفقهاء في إحياء الموات ، من أن من أجرى قناة في أرض ميتة ملك حريمها وهو خمسمائة ذراع ، وهذا إنما هو فيمن حفر القناة ، وأجرى الماء من نهر أو بحر، لا في مسيل الماء الذي لا يُملك بالإحياء كما تقدم.

قال في "شرح منتهى الإرادات" (2/ 366) : "(وبحفر بئر) بموات واستخراج مائها (يملك) حافرٌ (حريمها ، وهو) أي: حريم البئر (من كل جانب ، في قديمة ) .. (خمسون ذراعا ، و) الحريم (في) بئر (غيرها) أي القديمة (خمسة وعشرون ذراعا) نصا. لحديث أبي عبيد في الأموال عن سعيد بن المسيب " السنة في حريم القليب العادي : خمسون ذراعا والبديء خمسة وعشرون "، وروى الخلال والدارقطني نحوه مرفوعا.

والبئر التي لها ماء ينتفع به الناس ليس لأحد احتجازه ؛ كالمعادن الظاهرة.

(وحريم عين وقناة) حفرتا بموات (خمسمائة ذراع ، و) حريم (نهر) بموات (من جانبيه : ما يحتاج إليه لطرح كرايته) أي: ما يُلقى منه ليسرع جريه" انتهى.

والحاصل :

أنه لا وجه لدعوى صاحب الأرض في مسيل الماء ، ولا ما ذكر ، وينبغي نصحه وتذكيره ، ونهيه عن العدوان على حقوق الناس ، ومنعه من التسلط على ما لا يستحقه ، مع القدرة على ذلك .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب

موضوعات ذات صلة