الحمد لله.
الماء المنفصل من الاستنجاء إن كان متغيرا بالنجاسة فهو نجس، وإن لم يتغير فهو طاهر، سواء سال على البدن، أو تقاطر منه، فالعبرة بالتغير، وهو مذهب مالك رحمه الله.
قال ابن الحاجب رحمه الله في "جامع الأمهات" ص38: "وَالْغُسَالَةُ الْمُتَغَيِّرَةُ نَجِسَةٌ، وَغَيْرُ الْمُتَغَيِّرَةِ طَاهِرَةٌ" انتهى.
وينظر: "الموسوعة الفقهية" (29/ 99).
فإذا تيقنت أن الماء المتساقط قد تغير بالمذي أو بالبول، لزمك غسل ما أصاب بدنك منه، وإن لم تتيقن فلا شيء عليك.
وينبغي أن تعرض عن هذا الأمر فإنه مدعاة للوسوسة، والمذي أو البول على مخرج الذكر شيء يسير، ويبعد أن يتغير به الماء.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "وأما الماء فهو في نفسه طهور، ولكن إذا خالطته النجاسة وظهرت فيه: صار استعماله استعمالاً لذلك الخبيث، فإنما نهي عن استعماله لما خالطه من الخبيث، لا لأنه في نفسه خبيث، فإذا لم يكن هناك أمارة ظاهرة على مخالطة الخبيث له، كان هذا التقدير والاحتمال، مع طيب الماء وعدم التغير: فيه من باب الحرج الذي نفاه الله عن شريعتنا، ومن باب الآصار والأغلال المرفوعة عنا.
وقد ثبت أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه توضأ من جرةِ نصرانيةٍ، مع قيام هذا الاحتمال. ومَرَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه وصاحب له بميزاب، فقال صاحبه: يا صاحب الميزاب، ماؤك طاهر أم نجس؟ فقال عمر: يا صاحب الميزاب، لا تخبره، فإن هذا لُبِّس عليه.
وقد نص على هذه المسألة: الأئمة كأحمد، وغيره، ونصوا على أنه إذا سقط عليه ماء من ميزاب ونحوه، ولا أمارة تدل على النجاسة لم يلزم السؤال عنه، بل يكره" انتهى من "الفتاوى الكبرى" (1/225 ، 226).
فنصيحتنا أن تريق الماء على محل النجاسة وتغسله ويكفيك هذا ، وإن سال منه شيء على بدنك ، فلا تلتفت إليه إلا إذا تيقنت تغيره بالنجاسة ، فإنك تغسل الموضع الذي سال عليه ، والغالب أن الماء لن يتغير بهذه النجاسة اليسيرة، واحذر الوسوسة فإنها داء وشر.
والله أعلم.
تعليق